وقوله: ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ﴾ (لحق) خبر ﴿إِنَّ﴾ أي: كائن واقع لا محاله، ثم بين ما هو فقال: هو تخاصم أهل النار. وقيل: هو خبر بعد الخبر. وقيل: بدل منه. وقيل: عن ﴿ذَلِكَ﴾ (١)، تعضده قراءة من قرأ: (تخاصمَ أهل النار) بالنصب (٢)، والمعنى: إن ذلك الذي أخبرناكم به وحكينا عنهم واقع لا محالة، وليس ذلك بتشبيه ولا ضرب مثل.
﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠)﴾:
قول عزَّ وجلَّ: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ﴾ يجوز أن يكون بدلًا منه (٣)، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هو رب، ويجوز نصبه على المدح.
وقوله: ﴿قُلْ هُوَ نَبَأٌ﴾ ابتداء وخبر. و ﴿عَظِيمٌ﴾ من صفة الخبر. وكذا ﴿أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ﴾، الجملةُ في محل الرفع على أنَّها صفة بعد الصفة، ﴿أَنْتُمْ﴾ مبتدأ، و ﴿مُعْرِضُونَ﴾ خبره، ﴿عَنْهُ﴾ من صلة الخبر، والضمير الذي ﴿هُوَ﴾ هو للمخبر عنه، أي: هذا الذي أخبرتكم به من كوني رسولًا منذرًا وأن الله واحد لا شريك له خبر عظيم جليل القدر لا ينبغي لذي لُبٍّ وعقل أن يحيد عنه.
وقوله: ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ {إِذْ﴾ ظرف لـ ﴿عِلْمٍ﴾ ومعمول له.
وقوله: ﴿إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا﴾ الجمهور على فتح (أَنما)، وفيه وجهان:

(١) انظر هذه الأوجه في إعراب النحاس ٢/ ٨٠٣. ومشكل مكي ٢/ ٢٥٥.
(٢) هو ابن أبي عبلة وآخرون. انظر المحرر الوجيز ١٤/ ٤٨. وزاد المسير ٧/ ١٥٣. والبحر ٧/ ٤٠٧.
(٣) أي من لفظ الجلالة في ﴿وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ﴾.


الصفحة التالية
Icon