أحدهما: محله الرفع لكونه القائم مقام الفاعل، على: ما يوحَى إليّ إلَّا هذا، وهو أَنْ أُنْذِرَ وأُبَلِّغَ ولا أُفَرِّطَ في ذلك.
والثاني: محله النصب لعدم الجار، وهو اللام، والتقدير: ما يوحَى إليّ إلَّا لأنما أنا نذير، أي: إلَّا للإنذار، فحذف الجار وهو غير مراد، فانتصب بإيصال الفعل إليه، أو الجر على إرادته على الخلاف المشهور المذكور في غير موضع (١)، والقائم مقام الفاعل على هذا ﴿إِلَيَّ﴾.
وقرئ: (إِنَّما) بالكسر (٢) على الحكاية، أي: ما يوحى إليّ إلَّا هذا القول، وهو أن أقول لكم: إنما أنا نذير مبين، ولا أَدَّعِي شيئًا آخر.
﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٧٤) قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (٧٥) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ﴾ (إذ) بدل من ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾، وقيل: هو معمول ﴿يَخْتَصِمُونَ﴾، أي: يختصمون حين قال (٣). و ﴿مِنْ طِينٍ﴾ يجوز أن
(٢) قراءة صحيحة لأبي جعفر وحده من العشرة. انظر المبسوط / ٣٨١/. والنشر ٢/ ٣٦٢. والإتحاف ٢/ ٤٢٤.
(٣) معاني النحاس ٦/ ١٣٥ - ١٣٦. وقدمه القرطبي ١٥/ ٢٢٧. واقتصر الزمخشري ٣/ ٣٣٤ على الأول. وجوز ابن عطية ١٤/ ٥٠ أن يكون المعمول: واذكر إذ قال. ولم يذكر العكبري ٢/ ١١٠٢ غير هذا الأخير.