﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْالْبَابِ (١٨)﴾:
قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا﴾ مبتدأ ونهاية صلته ﴿إِلَى اللَّهِ﴾، والخبر ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى﴾ والبشرى يرتفع بلهم لجريه خبرًا على المبتدأ، و ﴿أَنْ يَعْبُدُوهَا﴾ في موضع نصب على البدل من الطاغوت، وهو بدل الاشتمال، أي: اجتنبوا عبادتها، والاجتناب: التباعد عن الشيء، وهو أن يكون في جانب غير جانب ذلك الشيء.
وقد ذكرت فيما سلف من الكتاب أن ﴿الطَّاغُوتَ﴾ مقلوب، وأن وزنه (فَلَعُوتٌ) (١) من طغيت، وقالوا أيضًا: طَغَوْتُ، وقولهم: طغيان دليل على أن اللام ياء، فأصله إذن طَغَيوت، مصدر كالملكوت والرحموت، ثم قدمت اللام على العين فبقي طَيَغوت، فصارت الياء لتحركها وانفتاح ما قبلها ألفًا (٢).
وقرئ: (الطَّوَاغِيتَ) (٣) وكان قياسه إذا كُسِّر أن يقال: طياغيت، إلَّا أنه يحتمل أن يكون الطواغيت، أتى على لغة من قال: طَغَوت. وهو يُذكّر ويؤنث، وقد ورد الكتاب العزيز بهما (٤).
وقوله: ﴿فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ﴾ محل ﴿الَّذِينَ﴾ إما النصب على الوصف، أو بإضمار فعل. وإما الرفع على الابتداء والخبر ﴿أُولَئِكَ﴾، أو على: هم الذين.
(٢) انظر مثل هذا التصريف لكلمة (طاغوت) عند إعرابه للآية (٢٥٦) من البقرة.
(٣) هي قراءة الحسن رحمه الله كما في المحتسب ٢/ ٢٣٦. وروح المعاني ٢٣/ ٢٥٢.
(٤) أما التذكير، فقوله سبحانه: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ﴾ [النساء: ٦٠]. وأما التأنيث: ففي آية الزمر هذه.