وعنه أيضًا: (يا حسرتايْ) بإسكان الياء (١) استثقالًا للحركة عليها.
وقرئ أيضًا: (يا حَسْرَتِيْ) بكسر التاء مع ياء النفْس ساكنة على الأصل (٢).
وقوله: ﴿عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ (ما) مصدرية كالتي في قوله: ﴿بِمَا رَحُبَتْ﴾ (٣) أي: على تفريطي. والجنب في اللغة: الجانب، والمعنى: فرطت في جانب أمر الله، أو طاعته، أو رضاه، وما أشبه هذا، أي: قصدت، ولا بد من تقدير مضافٍ محذوف.
وقوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ (إنْ) هي المخففة من الثقيلة، واللام هي الفارقة بينها وبين النافية، واسمها مضمر، وهو ضمير الشأن أو الأمر. فإن قلتَ: ما محل الجملة من الإعراب؟ قلت: قيل: النصب على الحال، كأنه قال: فرطت وأنا ساخر، أي: فرطت في حال سخريتي (٤).
{أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (٥٩) وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١) اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ
(٢) رواية ابن جماز عن أبي جعفر كما في المحرر الموضع السابق. ونسبهاء ابن الجوزي ٧/ ١٩٢ إلى الحسن، وأبي العالية، وأبي عمران، وأبي الجوزاء.
(٣) سورة التوبة، الآية: ٢٥.
(٤) هذا قول الزمخشري ٣/ ٣٥٢. وذهب أبو إسحاق ٤/ ٣٥٩ وحكاه عنه النحاس ٢/ ٨٢٦ إلى أن المعنى: وما كنت إلا من المستهزئين. فتكون الجملة -على هذا- استئنافية.