ذلك، وقرائن الأحوال تدل على ذلك، وتدل على صحة ما ذكرتُ قراءةُ من قرأ: (قبضتَهُ) بالنصب (١)، على إرادة الجار وهو (في)، وذَكَرَ هذه القراءةَ الزمخشريُّ وقال: جَعَلَها ظرفًا مشبهًا للمؤقت بالمبهم (٢).
وقال المبرد: التقدير: والأرض قبضته إذا كانت جميعًا، كقولهم: "هذا بُسْرًا أطيبُ منه تمرًا" (٣). أي: إذا كان. وأنشد:

٥٥٩ - إِذَا المَرْءُ أَعْيَتْهُ المُرُوءَةُ نَاشِئًا فَمَطْلَبُهَا كَهْلَا عَلَيْهِ بَعِيدُ (٤)
أي: إذا كان كهلًا.
وقال أبو علي في الحجة: التقدير: والأرضُ ذاتُ قبضتِهِ (٥) إذا كانت مجتمعةً. وقال في "الحلبيات": التقدير: والأرضُ مقبوضة إذا كانت مجتمعة. والقَبْضَةُ: المرة من القَبْضِ، والقَبْضَةُ تكون بمعنى القُبْضَة تسمية للمفعول بالمصدر، كخلق الله، وصيد الصائد. والقُبضة بالضم المقدار المقبوض بالكف، والمراد بالأرض: الأرضون السبع، بشهادة قوله: ﴿جَمِيعًا﴾. و ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ظرف للقبضة.
وقوله: ﴿وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ﴾ لأي ابتداء وخبر. و ﴿بِيَمِينِهِ﴾ يجوز أن يكون خبرًا بعد خبر، تعضده قراءة من قرأ: (مطوياتٍ) بالنصب (٦) على
(١) قرأها الحسن كما في مختصر الشواذ / ١٣١/. والبحر ٧/ ٤٤٠. والإتحاف ٢/ ٤٣٢.
(٢) الكشاف ٣/ ٣٥٦. وهذا الوجه للفراء ٢/ ٤٢٥. وانظر إعراب النحاس ٢/ ٨٣٥. ورده أبو إسحاق ٤/ ٣٦٢.
(٣) سيبويه ١/ ٤٠٠.
(٤) من أربعة أبيات حماسية لرجل من بني قريع سماه ابن قتيبة في عيون الأخبار ٣/ ٢١١ المعلوط. وانظره في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ٣/ ١١٤٨ لكن فيه (شديد) بدل (بعيد) وهو من شواهد الرضي كما في خزانة البغدادي ٣/ ٢١٩.
(٥) كذا عن أبي علي في التبيان ٢/ ١١١٣ أيضًا.
(٦) قرأها عيسى بن عمر كما في مختصر الشواذ / ١٣١/. والمحرر الوجيز ١٤/ ١٠٣.


الصفحة التالية
Icon