أن يكون لالتقاء الساكنين، واختير الفتح لكونه أخف الحركات، وأن يكون منصوبًا بإضمار اقرأ أو الزم، وامتناع الصرف للتعريف والتأنيث على أنَّها اسم للسورة، أو للتعريف وأنها على زنة الأعجمي، نحو قابيلَ وهابيلَ، على قول من قال: هو اسم من أسماء الله تعالي، أو اسم للقرآن (١)، وأن يكون منصوبًا بحذف القسم وإيصال فعله، كقولهم: اللَّهِ لأفعلنَّ، يعضده قول ابن عباس رضي الله عنهما: هو اسم من أسماء الله تعالى أقسم به (٢). وبكسرها (٣)، على أصل التقاء الساكنين.
وقوله: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ﴾ يحتمل رفعه أوجهًا: أن يكون مبتدأ وخبره الظرف، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هذا تنزيل الكتاب، والظرف صلته، أو خبرٌ بعد خبرٍ، أو حال من التنزيل والعامل فيها معنى الإشارة، وأن يكون خبر ﴿حم﴾.
ويجوز في الكلام نصبه على: اقرأ أو الزم (تنزيلَ الكتابِ).
وقوله: ﴿غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ﴾ صفتان لله جل ذكره، والإضافة حقيقية لأنه -سبحانه- لَمْ يزل غافر ذنوب عباده وقابل توبتهم، لا أنه يغفر ذنوبهم ويقبل توبتهم الآن أو غدًا، حتى تكونا في تقدير الانفصال فيكون ذلك: بدلًا كما زعم بعضهم (٤).
وأما ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾: فإضافته غير حقيقية، والأصل: شديد عقابُهُ، ولذلك قال أبو إسحاق: وأما خفض ﴿شَدِيدِ الْعِقَابِ﴾ فعلى البدل، لأنه مما يوصف به النكرة (٥). وقد جوز أن يكون صفة أيضًا، وحذف منه حرف
(١) كلا القولين في جامع البيان ٢٤/ ٣٩.
(٢) أخرجه الطبري في الموضع السابق.
(٣) قرأها أبو السمال كما في المحرر الوجيز ١٤/ ١١٣. والقرطبي ١٥/ ٢٩٠. والبحر ٧/ ٤٤٦.
(٤) هو النحاس في الإعراب ٣/ ٤.
(٥) معانيه ٤/ ٣٦٦.