الفصل بالخبر، وذلك أن قوله: ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ﴾ مبتدأ وهو مصدر، وخبره ﴿أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ﴾، والمصدر إذا أخبر عنه لم يجز أن يتعلق به شيء يكون في حلته، لأن الإخبار عنه يؤذِنُ بتمامه، وما يتعلق به يؤذن بنقصانه، ولا يجوز أن يكون معمول قوله: ﴿مِنْ مَقْتِكُمْ﴾ لاختلاف الزمانين، وذلك أنهم مقتوا أنفسهم في النار لا حين دُعوا إلى الإيمان، ولا يجوز أن يكون معمول ﴿تُدْعَوْنَ﴾، لأن المضاف إليه لا يعمل في المضاف، وإذا بطل أن يكون معمول أحد هؤلاء ثبت أن يكون معمول المذكور.
وقال بعض الناس: ﴿إِذْ﴾ من صلة ﴿مَقْتِكُمْ﴾ والتقدير: لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم في الدنيا حين كنتم تُدْعَون إلى الإيمان فتكفرون، لأنهم لما دُعوا إلى الإيمان ولم يجيبوا إليه كانوا ماقتين لأنفسهم، لأنهم يهلكون أنفسهم بالكفر، والمعنى: فإنّ مقتكم أنفسكم بإيقاعها في الهلاك مع أن النفس محبوبة إلى الإنسان، فلأن يمقتكم الله وأنتم تعصونه وتخالفونه وتعادونه بالإشراك ونَسَب ما لا يليق به إليه أولى. والمقت: أشد البغض.
وقوله: ﴿اثْنَتَيْنِ﴾ نعت لمصدر محذوف، أي: إماتتين أو موتتين اثنتين وإحياءتين أو حياتين اثنتين.
وقوله: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ﴾ (ذلكم) مبتدأ، والخبر ﴿بِأَنَّهُ﴾، والضمير في ﴿بِأَنَّهُ﴾ ضمير الشأن والأمر، أي: ذلكم الخلود والعذاب بسبب كفركم بتوحيد الله وإيمانكم بالإشراك به.
و﴿وَحْدَهُ﴾: مصدر على حذف الزوائد في موضع الحال من الجلالة، أي: دعي مفردًا، والفعل منه أَوْحَدْتُهُ إيحادًا، وعن يونس (١): انتصابه على الظرف، أي: دعي على حياله (٢).
(٢) انظر قول يونس في الكتاب ١/ ٣٧٨.