﴿لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ في ﴿لَا﴾ وجهان:
أحدهما: رَدٌّ لما دعاه إليه قومه، على ما حكاه صاحب الكتاب عن شيخه الخليل رحمة الله عليهما حين سأله عن قوله جل ذكره: ﴿لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ﴾ (١) فقال: رَدُّ الكلامِ (٢)، والمعنى: وَجَبَ لهم النار وَحَقَّ لهم أنّ لهم النار، انتهى كلامه (٣).
و﴿جَرَمَ﴾ فعل ماض بمعنى حَق وَوَجَبَ، و (أَنَّ) مع ما في حَيّزه في المواضع الثلاثة فاعله، أي: حَقَّ ووجبَ بطلانُ دعوته والرجوع إلى الله، وكون المسرفين هم أصحاب النار. أو بمعنى كسب، كقوله عز وعلا: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا﴾ (٤)، وقول الشاعر:
٥٦٠ - وَلَقَدْ طَعَنْتُ أَبَا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً | جَرَمَتْ فَزَارَةَ بَعْدَهَا أَنْ يَغْضَبُوا (٥) |
(٢) في (ج): رَدٌّ بكلامٍ.
(٣) انظر الكتاب ٣/ ١٣٨.
(٤) سورة المائدة، الآية: ٢.
(٥) ينسب لأبي أسماء بن الضريبة، أو عطية بن عفيف، وهو من شواهد الكتاب ٣/ ١٣٨. ومعاني الفراء ٢/ ٩. ومجاز أبي عبيدة ١/ ٣٥٨. والمقتضب ٢/ ٣٥٢. وتأويل مشكل القرآن / ٥٥٠/. وأدب الكاتب/ ٦٣/. ومعاني الزجاج ٤/ ٣٧٧. ومعاني النحاس =