وعن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم: (والسلاسلَ) بالنصب، و (يَسحبون) بفتح الياء على البناء للفاعل (١)، على عطف الجملة من الفعل والفاعل على التي من المبتدأ والخبر، وناصب (السلاسلَ): (يَسحبون)، والتقدير: إذ الأغلال في أعناقهم ويَسحبون السلاسلَ.
وعن بعضه: (والسلاسلِ يسحبون) بجر السلاسل (٢)، ووجهه أنه محمول على المعنى، لأنه لو قيل: إذ أعناقهم في الأغلال، مكان قوله: ﴿إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ﴾ لكان جائزًا، فلما كان كذلك عدل عن اللفظ إلى المعنى، وحمل قوله: ﴿وَالسَّلَاسِلُ﴾ عليه، فكأنه قيل: إذ أعناقهم في الأغلالِ والسلاسلِ.
وقال أبو إسحاق: التقدير: وفي السلاسلِ يسحبون والحميم (٣)، على تقدير: يسحبون في الحميم والسلاسل، ثم تقدم المعطوف على المجرور، وهذا ليس بشيء لأن النحاة منعوا تقدم المعطوف على ما فيه حرف الجر، لم يجيزوا مررت وزيدٍ بعمرو، وقد أجازوا ذلك في المرفوع نحو: قام وزيدٌ عمروٌ، وقد استقبحوا ذلك في المنصوب نحو: رأيت وزيدًا عمرًا، فأما المجرور فما علمت أن أحدًا أجاز ذلك فيه فيما سمعت واطلعت عليه، فاعرفه فإنه موضع (٤).
و﴿يُسْجَرُونَ﴾ من سَجَرَ التنور، إذا ملأه بالوقود، كأنه -والله أعلم- يُجعلون وقودَ النارِ فتُملأ جهنم بهم.

(١) انظر قراءتهما في جامع البيان ٢٤/ ٨٤. ومعاني النحاس ٦/ ٢٣٣ وإعرابه ٣/ ٢١. ومختصر الشواذ / ١٣٣/. والمحتسب ٢/ ٢٤٤. ومشكل مكي ٢/ ٢٦٨. والكشاف ٣/ ٣٧٨. والمحرر الوجيز ١٤/ ١٥٥.
(٢) رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في الكشاف الموضع السابق، وانظر البحر المحيط ٧/ ٤٧٥. والدر المصون ٩/ ٤٩٥.
(٣) معانيه ٤/ ٣٧٨. وعنه النحاس في الإعراب ٣/ ٢١.
(٤) انظر في هذا أيضًا: مشكل مكي ٢/ ٢٦٨. والبيان ٢/ ٣٣٤.


الصفحة التالية
Icon