فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (١٩) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢١) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (٢٢)}:
قوله عز وجل: ﴿أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا﴾: الاستفهام للتقرير، وانتصاب قوله: ﴿وَلِيدًا﴾ على الحال، أي: في حال كونك وليدًا، أي: طفلًا لم تبلغ مبلغ الرجال، وسمى الطفل وليدًا لقرب عهدٍ من الولادة، و ﴿مِنْ عُمُرِكَ﴾: [في موضع نصب على الحال من ﴿سِنِينَ﴾ لتقدمه عليها].
وقوله: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ﴾ الجمهور على فتح فاء ﴿فَعْلَتَكَ﴾ وهي المرة من الفعل، وقرئ: (فِعلتك) بكسرها (١)، وهي الحالة التي يكون عليها الإنسان، كالجلسة والركبة، والوجه قراءة الجمهور إذ كانت وكزة واحدة.
وقوله: ﴿وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾ يجوز أن يكون الواو للحال إن أراد حدوث كفران النعمة، وإن أراد أن دأبه كذلك فلا، فاعرفه فإن فيه أدنى غموض.
وقوله: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ﴾ ابتداء وخبر، و ﴿تَمُنُّهَا عَلَيَّ﴾: في موضع الصفة لنعمة، أي: بها.
وقوله: ﴿أَنْ عَبَّدْتَ﴾ محلها إما الرفع على البدل من المبتدأ وهو ﴿تِلْكَ﴾، أو من الخبر وهو ﴿نِعْمَةٌ﴾، أو عطف بيان لأحدهما، على معنى: تعبيدك بني إسرائيل نعمة تمنها عليّ، أو على أنها خبر مبتدأ محذوف، أي: هي أن عَبَّدَت. وإما النصب على حذف الجار وعدمه وهو اللام أو الباء، أي: لِأَنْ عبَّدت، أو بأنْ عبَّدت، أو الجر على إرادته على

(١) قرأها الشعبي كما في معاني الفراء ٢/ ٢٧٨ - ٢٧٩. ومعاني الزجاج ٤/ ٨٦. وجامع البيان ١٩/ ٦٦. ومعاني النحاس ٥/ ٦٩. والمحتسب ٢/ ١٢٧.


الصفحة التالية
Icon