قوله عز وجل: ﴿فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ﴾ قرئ: بكسر الحاء وسكونها (١)، فمن قرأ بالكسر فعلى أنه اسم الفاعل من نَحِسَ يَنْحَسُ نَحْسًا فهو نَحِسٌ، كفرِق، وحذِر، نقيضُ سَعِدَ، ومن قرأ بالسكون فعلى أنه مخفف منه، أو على أنه مصدر وصف به، والدليل على أنه مصدر وصف به قوله جل ذكره: ﴿فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ﴾ (٢) بالإضافة، ولو كان صفة لم يُضفِ اليومُ إليه، لأن الصفة لا يضاف إليها الموصوف. وقيل: هو صفة على فَعْلٍ، وإذا كان صفة فلا يجوز تحريك عينها في الجمع في حال السعة والاختيار، كما لم يجز في نحو: عَبْلات وَصَعْبَاتٌ وشبههما من الصفات (٣).
وقوله: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ﴾ الجمهور على رفع ﴿ثَمُودُ﴾ على الابتداء لوقوعه بعد حرف الابتداء، والخبر ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ﴾، وقرئ: بالنصب (٤)، على إضمار فعل يفسره هذا الظاهر. وعلى تركِ صرفِهِ، وقرئ: بالصرف (٥)، ووجه كليها ظاهر.
{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا

(١) كلاهما من المتواتر، فقد قرأ الحرميان، والبصريان: (نحْسَات) ساكنة الحاء، وقرأ الباقون: (نحِسات) بكسرها. انظر السبعة/ ٥٧٦/. والحجة ٦/ ١١٦. والمبسوط / ٣٩٣/. والتذكرة ٢/ ٥٣٧.
(٢) سورة القمر، الآية: ١٩.
(٣) انظر الكشف ٢/ ٢٤٧.
(٤) قرأها الحسن، ورويت عن الأعمش، وعاصم، وابن أبي إسحاق، وعيسى الثقفي. انظر معاني الفراء ٣/ ١٤. ومختصر الشواذ / ١٣٣/. ومشكل مكي ٢/ ٢٧١. والمحرر الوجيز ١٤/ ١٧٣. والقرطبي ١٥/ ٣٤٩.
(٥) رواية عن الأعمش، والمفضل عن عاصم، وابن أبي إسحاق. انظر إعراب النحاس ٣/ ٣٣. والمحرر الوجيز ١٤/ ١٧٣.


الصفحة التالية
Icon