فِيهَا}، أي: يُجزون جزاءً، ويجوز أن يكون مفعولًا له، أي: للجزاء، وأن يكون في موضع الحال، أي: مَجزيين أو مَجزيةً، فاعرفه فإنه موضع.
﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (٣٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَلَّا تَخَافُوا﴾ يجوز أن تكون (أن) هي المفسره بمعنى أي، وأن تكون المخففة من الثقيلة، أي: بأنه لا تخافوا، والضمير ضمير الشأن، وأن تكون صلةً، أي: قائلين لا تخافوا، تعضده قراءة من قرأ: (لا تخافوا) بحذف (أن) وهو ابن مسعود رضي الله عنه (١).
وقوله: ﴿نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ﴾ فيه ثلاثة أوجه، أحدها: جَمْعُ نَازِلٍ، كَشُرُفٍ في جمع شارِفٍ. والثاني: هو مصدر. والثالث: هو ما يُهيأ للضيف. فإن جعلته جمع نازل كان منصوبًا على الحال، إما من الضمير المرفوع في ﴿تَدَّعُونَ﴾، أو من المجرور في (لكم)، والعامل فيها على هذا الوجه الاستقرار، وإن جعلته مصدرًا فيحتمل أن يكون في موضع الحال من أحد المذكورين، بمعنى: نازلين، كقولك: أتاني زيد مشيًا، أي: ماشيًا أو ذوي نزل. وأن يكون مصدرًا مؤكدًا لفعله دل عليه (لكم)، كأنه قيل: أُنزل لكم ما تدعون نُزلًا. وأن يكون بمعنى المرزوق، فيكون حالًا، إما من الموصول على رأي أبي الحسن وهو ﴿مَا﴾ والعامل (لكم)، أو من العائد المحذوف، أي: لكم الذي تدعونه مهيأً، أو معدًا، وكذلك إن جعلته رِزْقَ النزيل وهو الضيف، كان حالًا من أحد المذكورين آنفًا، فاعرفه.

(١) انظر قراءته في معاني الفراء ٣/ ١٨. وجامع البيان ٢٤/ ١١٦ وفيه تصحيف. ومعاني النحاس ٦/ ٢٦٧. والكشاف ٣/ ٣٩١. والمحرر الوجيز ١٤/ ١٨٤.


الصفحة التالية
Icon