وقوله: ﴿مِنْ غَفُورٍ﴾ يجوز أن يكون في موضع الصفة لنزل، فيكون من صلة محذوف، وأن يكون من صلة ﴿تَدَّعُونَ﴾، هذا إذا جعلته جمع نازل، وحالًا من الضمير المرفوع في ﴿تَدَّعُونَ﴾، لأن كليهما -أعني الحال والجار - في الصلة، ولا يجوز ذلك إذا جعلت الحال من قوله: (لكم)، لأن حال المجرور قد فَصلَ بينهما -أعني بين العامل وهو ﴿تَدَّعُونَ﴾ وبين المعمول وهو ﴿مِنْ غَفُورٍ﴾ - ومُنع أن يكون من صلة قوله: (لكم)، لأنه قد عمل في الظرف وهو ﴿فِيهَا﴾، فلا يعمل في ظرف آخر، وإن جعلت ﴿نُزُلًا﴾ مصدرًا كان ﴿غَفُورٍ﴾ من صلته، ولك أن تجعل ﴿مِنْ غَفُورٍ﴾ في موضع الحال، وفي موضع الصفة أيضًا لنزل إذا جعلته بمعنى الرزق.
﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا﴾ (مَن) استفهامية، و ﴿قَوْلًا﴾ تمييز.
وقوله: ﴿فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ﴾ (إذا) للمفاجأة، و ﴿الَّذِي﴾ مبتدأ، ونهاية صلته ﴿عَدَاوَةٌ﴾، وفي خبره وجهان:
أحدهما: (إذا) المذكورة المكانية، و ﴿كَأَنَّهُ﴾ في موضع نصب على الحال من الموصول، كأنه قيل: فبالحضرة من يعاديك مُشْبِهًا الوليّ، والفائدة منوطةٌ بالحال.
والثاني: ﴿كَأَنَّهُ﴾ مع ما اتصل به هو الخبر، وإذا ظرف لمعنى التشبيه، والظروف تعمل فيها رائحة الفعل تقدمت على العامل أو تأخرت.


الصفحة التالية
Icon