منهما بأنه خبر مبتدأ، أي: المنزل أعجمي، والمنزل عليه عربي، والهمزة همزة الإنكار. ولك أن ترفع كل واحد منهما بفعل مضمر، أي: أيتفق قرآنٌ أعجميٌّ ورسولٌ عربيٌّ، أو مرسل إليه عربي؟ والأعجمي: الذي لا يُفْصِحُ ولا يُفْهَمُ كلامُهُ، من العرب كان أو من العجم، ومنه زياد الأعجم (١)، سمي بذلك لآفة كانت في لسانه، وكان عربيًا. والعَجَمِيُّ منسوب إلى أمة العَجَمِ فصيحًا كان أو غير فصيح.
وقرئ: (آعْجَمِيٌّ) على الاستفهام (٢). و: (أعْجَمِيٌّ) على الإخبار (٣)، على معنى: لولا فصلت آياته فكان منها عربي تفهمه العرب، وأعجمي تفهمه العجم.
وقرئ أيضًا: (أَعَجَمِيٌّ) بهمزة واحدة وفتح العين (٤)، على أنه منسوب إلى العَجَمِ، والعَجَمُ خلاف العرب، ويقال: العَجَمُ والعُجْمُ، كما يقال: العَرَبُ والعُرْبُ، والعجميُّ خلاف العربِيُّ، وهو منسوب إلى أُمة العجم، كما أن العربي منسوبٌ إلى أمة العرب.
وقوله: ﴿وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ الجمهور على فتح ميم ﴿عَمًى﴾، وهو مصدر عَمِيَ يَعْمَى بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر عَمىً، كصَدِيَ
(٢) قرأ عاصم في رواية أبي بكر، وحمزة، والكسائي، وخلف، ويعقوب في رواية روح: (أأعجمي) بهمزتين، وقرأ الباقون: (ءاعجمي) بهمزة واحدة بعدها مدة. انظر السبعة / ٥٧٦/. والحجة ٦/ ١١٩. والمبسوط ٣٩٣ - ٣٩٤. والتذكرة ٢/ ٥٣٨.
(٣) يعني بغير استفهام، وهي قراءة الحسن كما في معاني الفراء ٣/ ١٩. وجامع البيان ٢٤/ ١٢٧. ومعاني الزجاج ٤/ ٣٨٩. كما نسبت إلى ابن عباس -رضي الله عنهما-، وأبي الأسود وغيرهما. انظر معاني النحاس ٦/ ٢٧٩. والمحتسب ٢/ ٢٤٧.
(٤) كذا حكى هذه القراءة الفراء، والزجاج، والنحاس في المواضع السابقة دون نسبة، ونسبها ابن جني إلى عمرو ابن ميمون. وانظر ابن عطية ١٤/ ١٩٣.