وقوله: ﴿وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ﴾ (يوم الجمع) يجوز أن يكون ظرفًا، أي: ولتنذرهم عذاب الله الكائن في يوم الجمع، وأن يكون مفعولًا به، كقوله: ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ﴾ (١)، ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ﴾ (٢)، وهو الجيد؛ لأن الإنذار ليس هو فيه إنما في الدنيا.
والجمهور على التاء في قوله: ﴿لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى﴾ والفعل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقرئ: (لينذر) بالياء النقط من تحته (٣)، والفعل للقرآن، ويقال: أَنذرتُ زيدًا الشيءَ، وأنذرته بالشيء: إذا خوفته به.
وقوله: ﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ حال من ﴿يَوْمَ الْجَمْعِ﴾، أي: غير مشكوك فيه، أي: لا شك في وقوعه، وقيل: هو اعتراض لا محل له (٤).
وقوله: ﴿فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ﴾ أي: منهم فريق في الجنة، ومنهم فريق في السعير، ويجوز في الكلام نصب ﴿فَرِيقٌ﴾ فيهما، والنصب على الحال منهم، أي: متفرقين، كقوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ﴾ (٥). وعن الكسائي، التقدير: لتنذر فريقًا في الجنة وفريقًا في السعير يوم الجمع (٦).
{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠) فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ

(١) سورة إبراهيم، الآية: ٤٤.
(٢) سورة مريم، الآية: ٣٩.
(٣) كذا حكاها الزمخشري ٣/ ٣٩٧. وأبو حيان ٧/ ٥٠٩ وفيه سقط، والسمين ٩/ ٥٤١ دون نسبة.
(٤) قاله الزمخشري ٣/ ٣٩٧. وفيه قول ثالث أنه مستأنف لأنه إخبار. انظر الدر المصون ٩/ ٥٤١.
(٥) سورة الروم، الآية: ١٤.
(٦) انظر هذا الوجه عن الكسائي في إعراب النحاس ٣/ ٥٠. ومشكل مكي ٢/ ٢٧٦. وقد جوزه الفراء ٣/ ٢٢ أيضًا.


الصفحة التالية
Icon