وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (٥٥) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (٥٦) فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٥٧) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (٥٨) كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩)}:
قوله عز وجل: ﴿لَا ضَيْرَ﴾ خبره محذوف؛ أي: لا ضير علينا من عقابك، والضَّير والضُّر بمعنى.
وقوله: ﴿أَنْ كُنَّا﴾ الجمهور على فتح (أن)، على معنى: لأن كنا في هذا المحفل أول من آمن بالله ورسوله، وقرئ: بكسرها (١) على أنها شرطية قيل: وهذا من الشرط الذي يأتي به المدل بأمره، المتحقق لصحته، وهم كانوا متحققين أنهم أول المؤمنين (٢).
وقوله: ﴿إِنَّكُمْ﴾ مستأنف.
وقوله: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ﴾ محكي بعد قول مضمر، أي: قال فرعون: إن هؤلاء لشرذمة قليلون. والشرذمة: الطائفة القليلة من الناس، والقطعة من الشيء، ومنه قولهم: ثوب شراذم (٣)، للذي بلي وتقطع قطعًا. وقيل: البقايا (٤). وقيل: السفلة (٥).
و﴿قَلِيلُونَ﴾ جمع على المعنى، لأن الشرذمة جماعة، يقال: شيء قليل، وجمعه في القلة: أقلة، وفي الكثرة: قُلُلٌ، كَسَرير وأسِرَة وسُرُرٌ، وقوم قليلون وقليل أيضًا، وفي التنزيل: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ﴾ (٦).
(٢) انظر المحتسب الموضع السابق.
(٣) انظر الصحاح (شرذم).
(٤) لم أجد من فسر الشرذمة بالبقايا، ثم إني وجدت في الدر المصون ٨/ ٥٢٢. وروح المعاني ١٩/ ٨١ أن الشرذمة هي بقية كل شيء خسيس.
(٥) قاله الضحاك كما في النكت والعيون ٤/ ١٧٠.
(٦) سورة الأنفال، الآية: ٢٦.