وقوله: ﴿وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾ قرئ بغير الألف (حذرون)، وبه (١)، كلاهما اسم فاعل، يقال حَذِرَ يَحْذَرُ حَذَرًا، فهو حَذِرٌ وحَاذِرٌ. واختلف في معناهما، فقيل: الحذر الذي يحذر في الحال، والحاذر الذي يحذر في المآل. وقيل: الحذر العالم بالحرب، والحاذر ذو أداة وسلاح، وهو قول أبي إسحاق (٢) وهو الوجه عندي هنا، وذلك أن المفسرين قالوا: إنا لمجتمعون في عدد كثير وأسلحة تامة وعالمون بالحرب، وقوم موسى لا سلاح معهم وليس لهم علم بالحرب (٣).
وعن الفراء: الحاذر الذي يحذرك الآن، والحذر الذي خلق كذلك (٤).
وقيل: الحاذر المستعد الشاك في السلاح، والحذر الخائف (٥).
وقرئ أيضًا (حادرون) بالدال غير معجمة (٦)، والحادر: القوى السمين، يقال: حدر فلان يحدُرُ بالضم فيهما حدرًا وحدورة، إذا قوي جسمه وامتلأ لحمًا وشحمًا، ومنه عين حدرة: مكتنزة صلبة.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ محل الكاف إما النصب على النعت لمصدر محذوف، أي: أخرجناهم إخراجًا مثل ذلك الإخراج الذي ذكرنا. أو الرفع
(٢) انظر معانيه ٤/ ٩٢.
(٣) بعض هذا القول في إعراب النحاس ٥/ ٢٨١. والقرطبي ١٣/ ١٠٢.
(٤) معاني الفراء ٢/ ٢٨٠.
(٥) انظر هذا القول في النكت والعيون ٤/ ١٧٢.
(٦) قرأها ابن أبي عمار. انظر معاني النحاس ٥/ ٨١. وإعرابه ٢/ ٤٨٩. والمحتسب ٢/ ١٢٨. والنكت والعيون ٤/ ١٧٢ وحُرِّف الاسم فيه إلى ابن عامر، وأكده المحقق وعزاه زورًا إلى السبعة، والحجة، والمشتكى إلى الله. ونسبه ابن خالويه (١٠٦) إلى ابن السميفع أيضًا. وانظر المحرر والقرطبي فقد نسبت فيهما إلى آخرين أيضًا.