على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر كذلك، أي كما وصفنا، أو بالعكس، أي: كذلك كان الأمر.
وقد جوز أن يكون في موضع جر على أنه نعت لـ (مقامٍ)، أي: مقام كريم مثل ذلك المقام الذي كان لهم (١).
﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (٦٠) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (٦١) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (٦٢) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (٦٣) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (٦٤) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (٦٥) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (٦٦) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٦٧) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٦٨)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ﴾ يقال: شَرَقَتَ الشمس شروقًا إذا طلعت، وأشرقت إشراقًا إذا أضاءت وصفت، وأشرقنا نحن، أي: دخلنا في الشروق، وهو وقت الطلوع، كقولهم: أصبحنا، أي: دخلنا في الصباح.
فإذا فهم هذا، فانتصاب ﴿مُشْرِقِينَ﴾ على الحال إما من الفاعلين في ﴿فَأَتْبَعُوهُمْ﴾ أي: داخلين في وقت الشروق، أو من المفعولين، أي: حاصلين في ضوء، على ما ورد في التفسير أن فرعون وجنوده أصابهم ضباب وظلمة تحيروا فيها، وكان بنو إسرائيل في ضياء وضوء.
وقوله: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ الجمهور على إسكان الدال، وقرئ: (لمدَّركون) بفتح الدال وتشديدها (٢)، وهما بمعنى، يقال: أَدْركت فلانًا وادَّركته، بمعنى لحقته.

(١) جوزه الزمخشري ٣/ ١١٦. واقتصر العكبري على الأول، والنحاس على الثاني.
(٢) قرأها الأعرج، وعبيد بن عمير. انظر جامع البيان ١٩/ ٧٩. وإعراب النحاس ٢/ ٤٩٠. ومختصر الشواذ / ١٠٧/ والمحتسب ٢/ ١٢٩.


الصفحة التالية
Icon