عطف عليه أحسن من النصب بعد الجواب، فقولك: إن تأتني فتعطيَني أكرمْك، على معنى: إن يكن إتيان منك فإعطاء أُكرمْك، أحسن من قولك: إن تأتني أكرمْك فتعطيَني، وهما جائزان، وهذا إذا كان العاطف فاءً، وأما إذا كان واوًا فلا فرق لعدم الترتيب، فاعرفه.
وأهل الكوفة يسمونه الصَّرْف، أي: صُرِف عن إعراب ما قبله، والمعطوف على المجزوم إذا صرف عنه نُصب (١).
وقيل: المنصوب معطوف على تعليل محذوف، والتقدير: لينتقم منهم ويعلم الذين يجادلون (٢).
وأما الرفع: فعلى الاستئناف، لأنه موضع استئناف من حيث أتى بعد شرط وجزاء، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف.
وأما الجزم: فعلى المجزوم، قيل: كأنه قال: أو إن يشأ يجمع بين ثلاثة أمورٍ، هلاكِ قومٍ، ونجاةِ قومِ، وتحذيرِ آخرين (٣).
﴿فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٣٦) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (٣٧) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٤٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ (ما) الأولى شرطية، فلذلك دخلت الفاء في جوابها، أي: فهو متاع لكم في
(٢) قاله الزمخشري ٣/ ٤٠٦.
(٣) المصدر السابق.