الحياة الدنيا، بخلاف الثانية وهي (ما عند الله).
وقوله: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ﴾ في موضع جر عطفًا على ﴿لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾، وكذلك ما بعده عطف الصفة على الصفة، كما تقول: أتاني زيد الكريم والعالم، فالذات واحدة، والعطف إنما حصل في الصفة، والمعنى المذكور للذين جمعوا الإيمان والتوكل، واجتناب الكبائر، واستجابة ربهم، أي: إجابته إلى ما دعاهم إليه من توحيده وطاعته.
وقرئ: ﴿كَبَائِرَ﴾ بالجمع (١)، أي: الكبائر من هذا الجنس، واحدتها كبيرة. و (كبير الإثم) بالتوحيد (٢)، والمراد به الجمع أيضًا، كقوله: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ (٣).
وقوله: ﴿وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ (ما) صلة، و ﴿هُمْ﴾ يجوز أن يكون توكيدًا للضمير في ﴿غَضِبُوا﴾، و ﴿يَغْفِرُونَ﴾ جواب (إذا)، وأن يكون مبتدأ، و ﴿يَغْفِرُونَ﴾ خبره، والجملة جواب (إذا). وقيل: الفاء مضمرة، والتقدير: فهم (٤). وقيل: ﴿هُمْ﴾ مرفوع بمضمر تقديره: غفروا، ثم حذف لدلالة ﴿يَغْفِرُونَ﴾ عليه (٥). وهو من التعسف.
ومثله: ﴿هُمْ يَنْتَصِرُونَ﴾ في جميع ما ذكر، ولك أن تجعل ﴿هُمْ﴾ نعتًا للمنصوب قبله، وهو الضمير في ﴿أَصَابَهُمْ﴾، و ﴿يَنْتَصِرُونَ﴾ جواب ﴿إِذَا﴾.
{وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

(١) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٢) قرأها الكوفيون غير عاصم. انظر القراءتين في السبعة/ ٥٨١/. والحجة ٦/ ١٣٢. والمبسوط ٣٩٦. والتذكرة ٢/ ٥٤٢.
(٣) سورة إبراهيم، الآية: ٣٤.
(٤) انظر هذا القول في البيان ٢/ ٣٥٠.
(٥) انظر هذا القول في التبيان ٢/ ١١٣٥.


الصفحة التالية
Icon