﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (٤٣) وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (٤٤) وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (٤٥) وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ (٤٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ﴾ المصدر مضاف إلى المفعول به، ولم يذكر معه الفاعل، كقوله: ﴿مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ﴾ (١) أي: بعد ظلم الظالم إياه.
﴿فَأُولَئِكَ﴾: إشارة إلى معنى (مَن) دون لفظه.
وقوله: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ﴾ اللام لام الابتداء، و (مَنْ) موصول مبتدأ، ونهاية صلته ﴿وَغَفَرَ﴾، والجملة التي بعده وهي ﴿إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ خبره، والراجع منها حُذِفَ لكونه مفهومًا، كما حذف من قولهم: السمن مَنَوانِ بدرهم (٢)، لذلك، والتقدير: إن ذلك منه، ولا يجوز أن تكون (مَن) شرطية، و ﴿صَبَرَ﴾ في موضع جزم بها، والجواب ﴿إِنَّ ذَلِكَ﴾ وقد حذف الفاء كما زعم بعضهم (٣)، لأن الشرط بابه الإبهام، والآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه على ما فسر (٤).
وقوله: ﴿وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ﴾ (يعرضون) في موضع الحال، وكذا ﴿يَنْظُرُونَ﴾، لأن الرؤية من رؤية العين، وكذا ﴿يَقُولُونَ﴾، و ﴿خَاشِعِينَ﴾

(١) سورة فصلت، الآية: ٤٩.
(٢) انظر إعراب النحاس ٣/ ٧٠.
(٣) هو أبو البقاء ٢/ ١١٣٥. وحكاه السمين ٩/ ٥٦٣ عن الحوفي.
(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٥. والنكت والعيون ٥/ ٢٠٩.


الصفحة التالية
Icon