مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (١٦) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (١٧)}:
قوله عز وجل: ﴿وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا﴾ الجعل هنا بمعنى الحكم بالشيء والاعتقاد له.
وقوله: ﴿ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ (وَجْهُهُ) اسم ظل، و ﴿مُسْوَدًّا﴾ خبره، ويجوز أن يكون في ﴿ظَلَّ﴾ ضمير عائد إلى المُبَشَّر، وهو ﴿أَحَدُهُمْ﴾ في وهو اسمها، و (وجهُهُ) بدل من ذلك الضمير، و ﴿مُسْوَدًّا﴾ خبر ظل.
والجمهور على نصب قوله: ﴿مُسْوَدًّا﴾، وقرئ: (مسودٌّ) بالرفع (١)، على أنَّ في ﴿ظَلَّ﴾ ضمير المُبَشَّرِ، و (وجهه مسودٌّ) ابتداء وخبر، والجملة خبر ﴿ظَلَّ﴾.
وقوله: ﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ في محل النصب على الحال من اسم ﴿ظَلَّ﴾، أو من المنوي في مسودٍ.
﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨)﴾:
قوله عز وجل ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾: في محل (مَن) أوجه:
أحدها: في موضع نصب بإضمار فعل، أي: أتجعلون للرحمن مِن الولد مَن هذه الصفة المذمومة صفته، وهو أنه يتربى في الزينة والنعمة؟
والثاني: في موضع رفع على الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: كمن ليس كذلك، أَوْ وَلَدٌ له.
والثالث: في موضع جر على البدل من (ما) في قوله: ﴿بِمَا ضَرَبَ﴾، وقيل: بل في موضع نصب على البدل من البنات (٢). وفي جواز البدل في

(١) كذا على أنها قراءة أيضًا في الكشاف ٣/ ٤١٥. والتبيان ٢/ ١٠٣٨. والقرطبي ١٦/ ٧٠. وهو وجه إعرابي أجازه الفراء ٣/ ٢٨. والنحاس ٣/ ٨٢. ومكي ٢/ ٢٨٢.
(٢) الوجهان هنا للفراء ٣/ ٢٩.


الصفحة التالية
Icon