هذين الوجهين نظر، لأجل دخولى همزة الاستفهام بين البدل والمبدل منه.
وقرئ: (يَنْشَأُ) بفتح الياء وإسكان النون وتخفيف الشين، و (يُنَشَّأ) بضم الياء وفتح النون وتشديد الشين (١)، مَن فتح الياء نسب الفعل إلى (مَنْ) وهو لازم، فإذا نُقل بالتضعيف أو بالهمزة تعدى، وعليه قراءة من ضم الياء، يقال: نَشَأَ الغلامُ، ونُشِئَ، وأُنْشِئَ. وفي التنزيل: ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ (٢). وفيه: ﴿أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ﴾ (٣).
وقوله: ﴿وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ (في الخصام) من صلة ﴿مُبِينٍ﴾، وجاز ذلك، لأن غيرًا فيها معنى النفي، فكأنه قيل: لا يبين في الخصام، ومنه مسألة الكتاب: أنا زيدًا غيرُ ضاربِ (٤)، فزيدًا منصوب بضارب، وقيل: انتصاب زيد بفعل مضمر دل عليه ضاربٌ، وكذا في الآية ﴿فِي﴾ من صلة محذوف دل عليه ﴿غَيْرُ مُبِينٍ﴾ (٥). و ﴿الْخِصَامِ﴾ مصدر خاصم يُخَاصمُ مُخَاصَمَةً وخِصَامًا. وقيل: الخصام هنا جمع خَصْمِ، والمعنى: وهو بين الخصوم غير مبين للحجة (٦).
{وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (١٩) وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ
(٢) سورة الرعد، الآية: ١٢.
(٣) سورة المؤمنون، الآية: ١٤.
(٤) كذا أيضًا عن الكتاب في التبيان ٢/ ١٠٣٨. وقد تقدمت هذه المسألة عند إعراب آخر (الفاتحة).
(٥) انظر هذا القول في التبيان الموضع السابق أيضًا.
(٦) قاله الزمخشري ٣/ ٤١٥. والجمهور على الأول.