سَلَفٍ، كأُسُدٍ في جمع أَسَدٍ، وأن يكون جمع سليف، ككُثُبٍ ورُغُف في جمع كَثِيبٍ ورَغيفٍ.
وقرئ: (سُلَفًا) بضم السين وفتح اللام (١)، وذلك يحتمل وجهين أيضًا: أن يكون بيعنى سُلُف، غير أنه أبدل من الضمة فتحة كراهة اجتماع الضمتين، وأن يكون جمع سُلْفَةٍ، كَظُلَمِ في ظُلْمَةٍ، أي: ثلة قد سلفت، أي: فرقة متقدمة، وهو مفعول ثان، ﴿وَمَثَلًا﴾ عطف عليه.
﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧)﴾ ﴿مَثَلًا﴾ يجوز أن يكون مفعولًا به ثانيًا، لأن ضُرب وجُعل بمعنىً، وأن يكون حالًا من ﴿ابْنُ مَرْيَمَ﴾ على معنى: وُصِفَ، أي: ذكر مُمَثَّلًا به.
وقرئ: (يَصِدون) بكسر الصاد وضمها (٢). قيل: وهما لغتان بمعنىً، يقال: صدَّ يصِدُّ ويَصُدُّ، إذا ضج وصاح. وقيل: يَصُدُّون -بالضم- من الصدود، أي: من أجل هذا المثل يَصُدُّون عن الحق ويعرضون عنه، ويَصِدُّون بالكسر: يضجون.
وقوله: ﴿مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا﴾ (جدلًا) مفعول له، أي: ما قالوا هذا القول يعني ﴿أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ﴾ إلا للجدل، أي: ليجادلوك به، فيجوز أن يكون في موضع الحال، أي: جدلين أو ذوي جدل.

(١) قرأها حميد الأعرج، ومجاهد، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر معاني النحاس ٦/ ٣٧٤. وإعرابه ٣/ ٩٥. ومختصر الشواذ / ١٣٥/. والمحرر الوجيز ١٤/ ٢٦٨.
(٢) قرأ ابن كثير، والبصريان، وعاصم، وحمزة: بكسر الصاد. وقرأ الباقون بضمها. انظر السبعة / ٥٨٧/. والحجة ٦/ ١٥٤ والمبسوط / ٣٩٩/. والتذكرة ٢/ ٥٤٦. والنشر ٢/ ٣٦٩.


الصفحة التالية
Icon