وقوله: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً﴾ أي: بدلكم ومكانكم، لأن الإنس لا يكونون ملائكة، و (مِن) تأتي بمعنى البدل، كما تقول: ليت لي من هذا العبد عبدًا صالحًا: أي: بدله. وقيل: المعنى: لحولنا بعضكم ملائكة (١). وقيل: التقدير: لجعلنا منكم مثل ملائكة، أي: لا تعصون [كما لا يعصون].
﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٢) وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (٦٥) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٦٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ﴾ الضمير في (إنه) في قول الجمهور لعيسى عليه الصلاة والسلام، أي: وإن عيسى عِلْمٌ للساعة، والعِلْم ما يُعلم به، والمراد أن نزوله في آخر الزمان من أشراط الساعة يُعلم به قربها. وقيل: الضمير للقرآن (٢). وقيل: لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٣).
وقرئ: (وإنه لَعَلَمٌ) بفتح العين واللام (٤)، والعَلَم: العلامة.
وقوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً﴾ (أن تأتيهم) بدل
(٢) قاله الحسن، وقتادة، وسعيد بن جبير. انظر جامع البيان ٢٥/ ٩١. والنكت والعيون ٥/ ٢٣٥. وزاد المسير ٧/ ٣٢٥. والأكثر على الأول.
(٣) قاله النحاس في معانيه ٦/ ٣٨١.
(٤) رويت عن ابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وقتادة، والضحاك. انظر معاني الفراء ٣/ ٣٧. وجامع البيان ٢٥/ ٩١. ومعاني النحاس ٦/ ٣٨٠ واعرابه ٣/ ٩٨. ومختصر الشواذ ١٣٥ - ١٣٦.