وقوله: ﴿أَمْ أَبْرَمُوا﴾ (أم) هي المنقطعة، وإبرام الشيء إحكامه.
وقوله: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ في ﴿إِنْ﴾ هنا وجهان:
أحدهما: هي (إن) النافية بمعنى (ما)، والفاء لعطف جملة على جملة كالواو، والمعنى: ما كان للرحمن ولدِّ، فأنا أول من قال بذلك، وعَبَدَ وَوَحَّدَ بمعنى. و ﴿الْعَابِدِينَ﴾ على بابه.
والثاني: هي (إن) الشرطية، والفاء جوابها، والمعنى: إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين، أي الموحدين لله، المكذبين قولكم بإضافة الولد إليه، وقيل المعنى: إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول العابدين ولده، ولكن لم يكن له ولد ولا ينبغي أن يكون، ﴿الْعَابِدِينَ﴾ على بابه أيضًا، وقيل: المعنى إن كان للرحمن ولد في زعمكم فأنا أول الآنفين من أن يكون له ولد، من قولهم: عَبِدَ من كذا يَعْبَدُ بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر عَبَدًا، إذا أَنِف منه، فهو عَبِدٌ وعَابِدٌ أيضًا، وأُنشد:
٥٦٥ -........................ وأَعْبَدُ أَنْ أَهْجُو كُلَيبًا بِدارِمِ (١)
أي: آنف من ذلك.
وعن أبي عبيدة: معناه الجاحدين، وحَكَى: عَبَدَني حقي، أي: جحدني، أي: إن كان للرحمن ولد فأنا أول الجاحدين أن يكون له ولد (٢).
(٢) انظر مجاز القرآن ٢/ ٢٠٧. والمحرر الوجيز ١٤/ ٢٧٩ والقرطبي ١٦/ ١٢٠، والدر المصون ٩/ ٦٠٨ كلهم عن أبي عبيدة.