وعن ابن عباس رضي الله عنهما. إن كان للرحمن ولد كما تزعمون فأنا أول من غضب للرحمن أن يقال له ولد، وهذا من عَبَدَ: إذا غضب (١).
وقيل: المعنى إن صح ذلك فأنا أول الآنفين من عبادته، ولن يصح ذلك (٢).
قال أبو الفتح: وروينا عن قُطرب: أن العابد العالم، والعابد الجاحد، والعابد الآنِف الغضبان، قال: ومعنى هذه الآية يحتمل كل هذه المعاني، انتهى كلامه (٣).
﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ (٨٤) وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٨٥) وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ﴾ الراجع إلى ﴿الَّذِي﴾ محذوفٌ، حُذِفَ لطول الكلام، كقولهم فيما حكاه الخليل: ما أنا بالذي قائل لك شيئًا (٤). وكقراءة من قرأ: (تمامًا على الذي أحسنُ) بالرفع (٥).
و﴿فِي السَّمَاءِ﴾: من صلة ﴿إِلَهٌ﴾ على تضمينه معنى الوصف، والتقدير: وهو الذي هو إله في السماء، فـ (هو) مبتدأ، و (الذي) خبره، و (هو) مبتدأ ثان، و (إله) خبره، أي: هو الذي هو معبود في السماء تعبده الملائكة، معبود في الأرض يعبده الإنس والجن، و ﴿فِي﴾ في الموضعين من صلة ﴿إِلَهٌ﴾، أي: يُعبد فيهما، ولا يجوز أن ترفع ﴿إِلَهٌ﴾ بالابتداء

(١) انظر هذا المعنى في معالم التنزيل ٤/ ١٤٧ دون نسبة.
(٢) كذا هذا القول في التبيان ٢/ ١١٤٢ أيضًا.
(٣) المحتسب ٢/ ٢٥٨.
(٤) الكتاب ٢/ ٤٠٤.
(٥) انظر إعرابه للآية (١٥٤) من الأنعام حيث خرجت هذه القراءة هناك.


الصفحة التالية
Icon