وقوله: ﴿آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾: قرئ: (آياتٌ) بالرفع والنصب (١)، أما الرفع: فعلى الابتداء، وما قبله خبره وهو ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾، ويكون عطف جملة على جملة، أو على العطف على موضع ﴿إِنَّ﴾ وما عملت فيه، لأن موضع إن وما عملت فيه رفع على الابتداء، لأنها لا تدخل إلا على مبتدأ وخبرٍ. أو على الفاعلية على إعمال الظرف على رأي أبي الحسن (٢).
وأما من قرأ: (آياتٍ) بالنصب: فعلى لفظ اسم (إن) في قوله: ﴿إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ كقولك: إن في الدار زيدًا وفي السوق عمرًا.
وأما قوله جل ذكره: ﴿آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ قرئ أيضًا: بالرفع والنصب على ما ذكر آنفًا في قوله؛ ﴿آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ (٣)، غير أنك تقدر حذف (في) هنا، والتقدير: وفي اختلاف الليل، وإنما حذف لتقدم ذكره في الآيتين قبلها، و (في) وإن كان محذوفًا في اللفظ فهو كالمنطوق به، تعضده قراءة من قرأ: (وفي اختلاف الليل) بزيادة (في) وهو ابن مسعود رضي الله عنه (٤) وإنما احتيج إلى إضمار (في) هنا، حتى لا يكون عطفًا على عاملين مختلفين، وهما (إن) ألناصبة و (في) الجارة أقيمت الواو مقامهما (٥) فعملت الجر في ﴿وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ﴾ والنصب في الآيات، وكذا على قول من رفع، لأنه يعطف ﴿وَاخْتِلَافِ﴾ على ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ﴾ ويعطف ﴿آيَاتٌ﴾ على موضع ﴿آيَاتٌ﴾ الأولى، وصاحب الكتاب رحمه الله تعالى لا يجيز ذلك، وعلى مثل تقدير الحذف أنشد:

(١) قرأ حمزة، والكسائي، ويعقوب: (آياتٍ) بالنصب، ومثلها في الآية التالية، وقرأ الباقون بالرفع في الحرفين. انظر السبعة/ ٥٩٤/. والحجة ٦/ ١٦٩. والمبسوط/ ٤٠٣/، والتذكرة ٢/ ٥٥١.
(٢) تقدم مذهبه مرارًا، وانظره هنا في الحجة الموضع السابق. والمشكل ٢/ ٢٩٥.
(٣) انظر تخريج القراءة السابقة.
(٤) انظر قراءته هذه في معاني الفراء ٣/ ٤٥. وإعراب النحاس ٣/ ١٢٤. والكشاف ٣/ ٤٣٦. والمحرر الوجيز ١٤/ ٣٠٤.
(٥) في (ب): مقامها.


الصفحة التالية
Icon