٥٦٦ - أَكُلَّ امْرِئٍ تَحْسَبِينَ امْرأً ونَارٍ تَوَقَّدُ باللَّيْلِ نَارَا (١)
فقدره على حذف (كل) مع (نار) المجرورة لتقدم ذكرها، كأنه قال: وكُلَّ نارٍ، ولولا ذلك لكان عطفًا على عاملين، وإنما لم يجز العطف على عاملين، لأن العاطف ينوب مناب العامل، فلم يقو أن ينوب مناب عاملين مختلفين، ولو ناب مناب رافع وناصب لكان رافعًا ناصبًا في حال، وكان يلزم أن ينوب مناب رافعٍ وناصبٍ وجارٍّ فيكون عاملًا للوجوه الثلاثة في حال، وذلك لا يجوز، وقد أجاز ذلك أبو الحسن ونَفَرٌ من أهل الكوفة (٢)، ونظيره من الكلام إن في الدار زيدًا والحجرةِ عمرًا، فهذا عطف على عاملين، وكذلك: زيدٌ في الدارِ والقصرِ عمرٌو. ومنهم من حمل النصب على تكرير ﴿آيَاتٌ﴾ للتوكيد، لأنها من لفظ ﴿آيَاتٌ﴾ الأولى، وقال: لو لم يذكر ﴿آيَاتٌ﴾ لكان الكلام تامًا، وإنما ذكر ﴿آيَاتٌ﴾ بعد الآية الأولى في الآيتين للتأكيد والبدل والتكرير، قاله ابن السراج (٣)، ونظيره من الكلام: إن في الدار زيدًا والحجرة زيدًا، فهذا تأكيد وليس بعطف على عاملين فاعرفه.
﴿تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (٦) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٨) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩)﴾:
(١) ينسب لأبي دواد الإيادي من قصيدة طويلة في وصف فرس ذكرها الأصمعي في اختياراته / ١٩١/. وقيل البيت لعدي بن زيد. وهو من شواهد سيبويه ١/ ٦٦/. والكامل ١/ ٣٧٦. ومعاني الزجاج ٤/ ٤٣١. وأصول ابن السراج ٢/ ٧٥. وإعراب النحاس ٣/ ١٢٥. وإعراب القراءات السبع ٢/ ٣١٢. والحجة ٦/ ١٧١. والمحتسب ٢/ ٢٨١. ومشكل مكي ٢/ ٢٩٤.
(٢) العطف على عاملين أجازه سيبويه، والأخفش، والكسائي والفراء. انظر إعراب النحاس ٣/ ١٢٤.
(٣) انظر كتابه الأصول ٢/ ٧٣ - ٧٥. وحكاه عنه صاحب البيان ٢/ ٣٦٤. وقد ترجمت له قبل.


الصفحة التالية
Icon