منصوبًا على المصدر، أي: شيئًا من الإغناء، وأن يكون مفعولًا به، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب في غير موضع (١).
وقوله: ﴿جَمِيعًا مِنْهُ﴾ جميعًا نصب على الحال من المسخر. وأما ﴿مِنْهُ﴾، فيجوز أن يكون في موضع رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: تَسْخِيرُ جميع ذلك، أو خَلْقُهُ أو إنشاؤه منه. وأن يكون في موضع نصب إما على الحال، أي: سخر المذكور كائنًا منه وحاصلًا من عنده، أو على أنه نعت لمصدر محذوف، أو لقوله: ﴿جَمِيعًا﴾، أي: سخر هذه الأشياء تسخيرًا منه، أو واقعًا أو حاصلًا منه، وأن يكون من صلة ﴿سَخَّرَ﴾.
وقرئ: (مِنَّةً) بكسر الميم، والتاء منصوبة (٢)، وانتصابه على المصدر، أي: مَنَّ بها عليكم مِنَّة.
وقرئ أيضًا: (مَنُّهُ) بفتح الميم ورفع النون على إضافة المنِّ إلى الضمير (٣)، وفيه وجهان:
أحدهما: خبر مبتدأ محذوف، أي: ذلك أو هو مَنُّهُ.
والثاني: فاعل ﴿سَخَّرَ﴾ على الإسناد المجازي، أي: سخر لكم ذلك مَنُّهُ، كقولك: أحياني إقبالك عليَّ، وسدد أمري حسن رأيك فيَّ، كلاهما قول أبي حاتم، حكاه عنه أبو الفتح (٤).

(١) انظر أول ذلك عند إعرابه للآية (٤٨) من البقرة.
(٢) قرأها ابن عباس، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، والجحدري، وعبد الله بن عبيد بن عمير، وابن السميفع، وابن محيصن. انظر إعراب النحاس ٣/ ١٢٧. ومختصر الشواذ / ١٣٨/. والمحتسب ٢/ ٢٦٢. والكشاف ٣/ ٤٣٨. والمحرر الوجيز ١٤/ ٣٠٩. وزاد المسير ٧/ ٣٥٦.
(٣) قرأها مسلمة بن محارب كما في مصادر القراءة السابقة إلا زاد المسير فقد نسبت فيه إلى سعيد بن جبير.
(٤) المحتسب ٢/ ٢٦٢. والذي أفهمه من كلامه أن الوجه الأول لأبي حاتم، الثاني لابن جني والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon