﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (١٥) وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (١٦) وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٧) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (١٩) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٢٠)﴾:
قوله عز وجل: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا﴾ (يغفروا) مجزوم حملًا على المعنى، والتقدير: قل لهم اغفروا يغفروا، وحُذِفَ المقول لأن الجواب دالّ عليه، وقد مضى الكلام على نظيره عند قوله في "إبراهيم": ﴿قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا﴾ بأشبع من هذا (١).
وقوله: ﴿لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا﴾ من صلة ﴿يَغْفِرُوا﴾. وقرئ: (لِيَجْزِيَ) بالياء (٢) لتقدم ذكر الغَيبة، و (لِنَجْزِيَ) بالنون (٣)، على إخبار الله جل ذكره عن نفسه، و (لِيُجْزَى قومٌ) على البناء للمفعُول ورفع القوم (٤) على الفاعلية، و (لِيُجْزَى) على ترك تسمية الفاعل ونصب (قومًا) (٥)، على معنى: لِيُجْزَى الخيرُ

(١) انظر إعرابه للآية (٣١) منها.
(٢) قرأها الحرميان، والبصريان، وعاصم كما سوف أخرج.
(٣) وهذه قراءة ابن عامر، والكوفيين عدا عاصم كما سيأتي.
(٤) كذا هذه القراءة أيضًا في الكشاف ٣/ ٤٣٨. وروح المعانى ٢٥/ ١٤٨ دون نسبة.
(٥) قراءة صحيحة لأبي جعفر، انظرها مع القراءتين الأولتين في المبسوط ٤٠٣ - ٤٠٤. والنشر ٢/ ٣٧٢. والإتحاف ٢/ ٤٦٦. بالإضافة إلى السبعة/ ٥٩٤/. والحجة ٦/ ١٧٤. والتذكرة ٢/ ٥٥٢.


الصفحة التالية
Icon