قومًا، يقال: جزيت فلانًا الخير، فيتعدى إلى مفعولين بغير الجار، فإذا بَنَيْتَ الفعلَ للمفعول أقمت أيهما شئت مقام الفاعل، وأضمر الخير هنا لدلالة الكلام عليه، وليس قول من قال: التقدير: لِيُجْزَى الجزاءُ قومًا، على إقامة المصدر مقام الفاعل بمستقيم (١)، لأن النحاة لا يجيزون إقامة المصدر مقام الفاعل وهناك مفعول به صحيح، فاعرفه فإنه موضع (٢).
وقوله: ﴿بَغْيًا بَيْنَهُمْ﴾ مفعول له، أي: للبغي.
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١) وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ (أم) هنا هي المنقطعة بمعنى بل وهمزة الاستفهام. و ﴿أَنْ نَجْعَلَهُمْ﴾ (أن) وما عملت فيه سدت مسد مفعولي الحسبان. ومعنى أن نجعلهم: أن نصيرهم، وهو من جَعَلَ المتعدي إلى مفعولين، وهما الضمير والكاف، فالضمير الأول، والكاف الثاني، و ﴿الصَّالِحَاتِ﴾ نهاية صلة الموصول، وفي الضمير المجرور الذي في قوله: ﴿مَحْيَاهُمْ﴾ و ﴿وَمَمَاتُهُمْ﴾ قولان: أحدهما: للكفار خاصة. والثاني: لهم وللمؤمنين.
فإذا فهم هذا، فقوله عز وجل: (سواءٌ) قرئ: بالرفع (٣) على أن ﴿مَحْيَاهُمْ﴾ مبتدأ و ﴿وَمَمَاتُهُمْ﴾، لأ عطف عليه، والخبر (سواءٌ)، والجملة في

(١) أجازه الكسائي كما في إعراب النحاس ٣/ ١٢٨. كما أجازه الأخفش والكوفيون كما في البيان ٢/ ٣٦٥. ولم يذكر ابن خالويه في إعراب القراءات السبع ٢/ ٣١٣. والزمخشري في الكشاف ٣/ ٤٣٨. وابن عطية في المحرر ١٤/ ٣١٠ غيره.
(٢) انظر في هذا إعراب النحاس، والبيان الموضعين السابقين.
(٣) هي قراءة العشرة سوى الكوفيين كما سوف أخرج.


الصفحة التالية
Icon