موضع نصب إما على البدل من المفعول الثاني للجعل وهو الكاف، لأن الجملة تقع مفعولًا ثانيًا، نحو: حسبت زيدًا أبوه منطلق. فكانت في حكم المفرد، ألا ترى أنك لو قلت: أن نججلهم سواء محياهم ومماتهم، لكان أَسَدَّ كلامٍ، والضمير في ﴿مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ للقبيلين (١)، وإما على الحال من الضمير المنصوب في ﴿أَنْ نَجْعَلَهُمْ﴾، والعامل نجعل، أو من الضمير المرفوع الذي في قوله: ﴿كَالَّذِينَ﴾ لأنه بمنزلة الظرف. وقيل: الجملة مستأِنفة، والوقف على قوله: :﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾، فالضمير في ﴿مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ على هذا للكفار دون المؤمنين، والمعنى: محياهم ومماتهم سواء في السوء (٢).
و﴿سَوَاءً﴾: بالنصب (٣)، وفيه وجهان:
أحدهما: منصوب على الحال إما من الضمير المنصوب في ﴿أَنْ نَجْعَلَهُمْ﴾، أو من المرفوع المستكن في ﴿كَالَّذِينَ﴾ الذي هو المفعول الثاني للجعل.
والثاني: منصوب على أنه هو المفعول الثاني للجعل، وهو بمعنى مستويًا، وارتفاع ﴿مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ به على الفاعلية، حالًا كان أو مفعولًا، أعني ﴿سَوَاءً﴾، وهو مفرد غير جملة، فيكون: ﴿كَالَّذِينَ﴾ حالًا.
قال أبو علي: ومن جعل الضمير للكفار دون المؤمنين لم يكن في (سواء) إلا الرفع، ولا يجوز النصب؛ لأنك إذا نصبته أدخلته في الحسبان، لأنك تنصبه بالفعل الذي في صلة ﴿أَنْ﴾، والحسبان واقع على أَنَّ ما في صلة ﴿أَنْ﴾ داخل فى الحسبان، وليس المراد إدخاله في الحسبان، إنما المعنى الإعلام باستواء محيا الكفار ومماتهم في البعد من رحمة الله قطعًا، ويكون
(٢) انظر الحجة ٦/ ١٧٧.
(٣) هذه قراءة الكوفيين سوى أبي بكر. انظرها مع قراءة الرفع في السبعة/٥٩٥/. والحجة ٦/ ١٧٥. والمبسوط/ ٤٠٤/. والتذكرة ٢/ ٥٥٢.