الرفع في هذا الوجه على الاستئناف، ويكون ﴿كَالَّذِينَ آمَنُوا﴾ في موضع المفعول الثاني، ولا تكون الجملة التي هي ﴿سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ﴾ على هذا حالًا من قوله: ﴿كَالَّذِينَ آمَنُوا﴾، لأن الضمير للكفار دون المؤمنين، فهو لا يلتبس بهم، انتهى كلامه (١).
وقرئ: (محياهم ومماتَهُمْ) منصوبين (٢)، على أنهما ظرفا زمان، كقولهم: مَقدمَ الحاجِّ، وخُفُوقَ النجمِ. أي: أن نجعلهم كالذين آمنوا وقت حياتهم ووقت مماتهم، ويجوز أن يكون العامل ﴿سَوَاءً﴾ أي: سواء في محياهم وفي مماتهم، ويجوز أن يكونا بدلًا من الضمير في ﴿نَجْعَلَهُمْ﴾، أي: أن نجعل محياهم ومماتهم سواء كالذين آمنوا، أي: كمحيا الذين آمنوا ومماتهم. وحُكي فيهما الجر أيضًا (٣)، على: أن نجعل محيا الكفار ومماتهم كمحيا المؤمنين ومماتهم، فحذف الأول.
وقوله: ﴿سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ (ساء) بمعنى بئس، و ﴿مَا﴾ يحتمل أن تكون موصولة، ومحلها الرفع على الفاعلية، وفعلها ﴿سَاءَ﴾، والمقصود بالذم محذوف، أي: بئس الذي يحكمونه حكمهم، وأن تكون نكرة، ومحلها النصب على التمييز، والمميز المنوي في ساء، أي: بئس الشيء شيئًا يحكمونه، وقد ذكر نظيره في غير موضع فيما سلف من الكتاب (٤).
وقولة: ﴿بِالْحَقِّ﴾ يجوز أن تكون الباء للتعدية، أي: بسبب الحق،
(٢) قرأها الأعمش، وعيسى بن عمر. انظر مختصر الشواذ/ ١٣٨/. والقرطبي ١٦/ ١٦٦. ونسبت في المحرر الوجيز ١٤/ ٣١٤ إلى القراء السبعة، وهو تصحيف والله أعلم. وقد تحامل عليه أبو حيان ٨/ ٤٨ فقال: وقد خلط ابن عطية في نقل القرآن، وله بعض العذر فإنه لم يكن مُعْربًا.
(٣) لم أجد من حكى ذلك.
(٤) انظر إعرابه للآية (٢٢) و (٣٨) من النساء. والآية (٣١) من الأنعام.