وأن تكون للحال، أي: محقًا أو ملتبسًا به (١).
﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣) وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (٢٤) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ﴾ محل ﴿عَلَى عِلْمٍ﴾ النصب على الحال إما من المُضِلّ، أي: أضله عالماً بأنه من أهل الضلال، وأنه يستحق الإضلال. وإما من الضال، أي: أضله في حال علم الكافر بأن ما هو عليه ضلال.
وقرئ: (غشاوة) بالحركات الثلاث في الغين، و (غشْوَة) بالفتح والكسر، وقد مضى الكلام عليهما وما فيهما من اللغات في سورة البقرة (٢).
وقوله: ﴿فَمَنْ يَهْدِيهِ﴾ (مَنْ) استفهامية في موضع رفع بالابتداء، و ﴿يَهْدِيهِ﴾ الخبر، والاستفهام بمعنى النفي.
وقوله: ﴿مِنْ بَعْدِ اللَّهِ﴾ أي: من بعد إضلال الله إياه، فحذف المضاف. وقيل التقدير: من بعد هداية الله (٣). وقيل: ﴿مِنْ بَعْدِ﴾ بمعنى
(٢) انظر إعرابه للآية (٧) منها. والقراءة المتواترة هنا هي: (غَشوة) بفتح الغين من غير ألف، وهي لحمزة، والكسائي، وخلف. وقرأ الباقون: (غِشاوة) بكسر الغين وبألف. انظر السبعة/ ٥٩٥/. والحجة ٦/ ١٧٩. والمبسوط / ٤٠٤/. والتذكرة ٢/ ٥٥٢.
(٣) قاله صاحب البيان ٢/ ٣٦٥. واقتصر الطبري ٢٥/ ١٥١ وأكثر المفسرين على المعنى الأول.