أي: ائتوني بكتاب منزل من قبل هذا الكتاب -وهو القرآن- من التوراة والإنجيل وغيرهما. والمعنى: ائتوا بكتاب واحد منزل من قبله شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله.
وقوله: ﴿أَوْ أَثَارَةٍ﴾ عطف على (كِتَابِ). وقوله: ﴿مِنْ عِلْمٍ﴾ في موضع الصفة لأثارة، والجمهور على فتح الهمزة والثاء وألف بعدها في (أثارة) بوزن فَعَالَة، وهي البقية وما يؤثر، من قولهم: أَثَرَ الحديث يأْثُرُهُ أَثْرًا وأَثَرَةً وأَثارَةً، ويقولون: هل عندك من هذا أَثَرَةٌ، وأَثَارَةٌ؟ : أي: أَثَرٌ، ويقال: سَمِنت الناقة على أَثَارَةٍ من شحم، أي: على بقية من شحم كانت بها من شحم ذاهب. أي: بقية كائنة من علم بَقِيَتْ عليكم من علوم الأولين (١).
وقرئ: (أو أَثَرَةٍ) بفتح الهمزة والثاء من غير ألف بعد الثاء (٢)، وهو بمعنى الأَثَارَةِ.
وقرئ أيضًا: (أَثْرَة، وإِثْرَة، وأُثْره) بفتح الهمزة وكسرها وضمها مع سكون الثاء (٣). أما الأَثْرَةُ: فالمرة الواحدة، وهي مصدر أَثَرَ الحديث يَأْثُرُهُ أثْرًا، إذا رواه، فهي كقولك: ائتوني بخبر واحد، أو حكاية شاذة، أي قد

(١) الكشاف ٣/ ٤٤١.
(٢) نسبها الطبري ٢/ ٢٦ إلى أبي عبد الرحمن السلمي. وبهذا الضبط حكاها عنه ابن عطية ١٥/ ١٠. ونسبها ابن جني ٢/ ٢٦٤ إلى ابن عباس رضي الله عنهما بخلاف، وعكرمة، وقتادة، وعمرو بن ميمون، والأعمش. وعزاها ابن الجوزي ٧/ ٣٦٩ إلى ابن مسعود رضي الله عنه، وأبي رزين، وأيوب السختياني، ويعقوب. وفي القرطبي ١٦/ ١٨٢ أنها قراءة الحسن أيضًا. وانظرها بدون ضبط أيضًا في إعراب النحاس ٣/ ١٤٤. ومختصر الشواذ / ١٣٩/. والنكت والعيون ٥/ ٢٧١.
(٣) قراءة (أثْرة) بسكون الثاء من غير ألف هي لأبي عبد الرحمن السلمي كما في معاني الفراء ٣/ ٥٠. والمحتسب الموضع السابق. وأضيف إليه في زاد المسير ٧/ ٣٦٩ الحسن، وقتادة، والضحاك، وابن يعمر. وأما ضم الهمزة أو كسرها مع سكون الثاء فهما لغتان حكاهما الكسائي كما في مختصر الشواذ/ ١٣٩/ والمصادر السابقة.


الصفحة التالية
Icon