قوله عز وجل: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا﴾ الجمهور على إسكان الدال، وهو بمعنى البديع، والبِدْع والبديعُ من كل شيء: المبتدأ الذي لا سابق له، وقرئ: (بِدَعًا) بفتح الدال (١)، وهو جمع بِدْعَةٍ، أي: ما كنت صاحب بِدَعٍ، فحذف المضاف. و ﴿مِنَ الرُّسُلِ﴾: في موضع الصفة له.
وقوله: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ﴾ (ما) الأولى: نافية ليس إلا، وأما الثانية: فيجوز أن تكون موصولة منصوبة بقوله: ﴿أَدْرِي﴾، وأن تكون استفهامية مرفوعة بالابتداء، والخبر ما بعده، والجملة في موضع نصب بقوله: ﴿أَدْرِي﴾.
وقوله: ﴿إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾ الواو الأولى: يجوز أن تكون واو الحال وقد معها مرادة، وأن تكون واو العطف، عَطَفَتْ ﴿كَفَرْتُمْ﴾ على فعل الشرط، كما عطفته ﴿ثُمَّ﴾ في قوله: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ﴾ (٢). وأما الثانية: فواو العطف، عطفت جملة قوله: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ﴾ إلى قوله: ﴿وَاسْتَكْبَرْتُمْ﴾ على جملة قوله: ﴿إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ﴾. وكذلك الثالثة: واو العطف، عطفت ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ﴾ على ﴿شَهِدَ﴾.
و﴿مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾: في موضع رفع على الصفة لـ ﴿شَاهِدٌ﴾، و ﴿عَلَى﴾ متعلقة بقوله: ﴿شَهِدَ﴾ لا بـ ﴿شَاهِدٌ﴾ كما زعم بعضهم، لأن الفعل إذا ذكر معه اسم الفاعل كان العمل للفعل دونه، نحو: دخل داخل على زيد، فعلى متعلقة بقوله: دخل لا بداخل، لأن الفعل هو أصل في العمل، وغيره فرع عليه فيه، فاعرفه.

(١) قرأها مجاهد، وأبو حيوة، وعكرمة، وابن أبي عبلة. انظر مختصر الشواذ/ ١٣٩/. والمحتسب ٢/ ٢٦٤. والمحرر الوجيز ١٥/ ١٣.
(٢) سورة فصلت، الآية: ٥٢.


الصفحة التالية
Icon