وأما جواب الشرط فمحذوف، تقديره: أليس قد ظلمتم؟ دل عليه ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. وقال الشيخ أبو علي رحمه الله: تقديره: أتأمنون عقوبة الله؟ (١).
﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (١٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾ اختلف في عامل ﴿إِذْ﴾، فقيل: محذوف، والتقدير: وإذ لم يهتدوا به قالوا ذلك، أو ظهر عنادهم، فهو معمولٌ لهذا المضمر (٢). وقيل: هو معمول ﴿قَالَ الَّذِينَ﴾ والواو في ﴿وَإِذْ﴾ صلة. وقيل: ﴿إِذْ﴾ بمعنى (إذا).
وقوله: ﴿فَسَيَقُولُونَ﴾ جواب ﴿إِذْ﴾، والوجه هو الأول، وما عداه تعسف.
والضمير في ﴿بِهِ﴾ للقرآن، و ﴿هَذَا﴾ إشارة إليه، وقيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- (٣)، و ﴿هَذَا﴾ إشارة إلى ما جاء به عليه الصلاة والسلام.
وقوله: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً﴾ (إمامًا ورحمةً) حالان إما من المنوي في الظرف وهو ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ على رأي صاحب الكتاب رحمه الله، وإما من ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾ على مذهب أبي الحسن، والعامل الظرف نفسه على المذهبين، كقولك: في الدار زيد قائمًا.

(١) حكاه عن أبي علي الفارسي أيضًا ابن الجوزي في زاد المسير ٧/ ٣٧٤. كما حكى القول الأول عن الواحدي.
(٢) التقدير للزمخشري ٣/ ٤٤٤. واقتصر عليه العكبري ٢/ ١١٥٥.
(٣) قاله مقاتل. وانظر القولين في النكت والعيون ٥/ ٢٧٥. والأكثر على أنه للقرآن.


الصفحة التالية
Icon