و ﴿تُدَمِّرُ﴾ صفة للريح، والتدمير: الإهلاك بالاستئصال، وقرئ: (يَدْمُرُ كُلُّ شَئءٍ) بفتح الياء وإسكان الدال ورفع الميم، ورفع قوله: (كلُّ شيء) على الفاعلية (١)، من دَمَرَ الشيءُ يَدْمُرُ دَمَارًا، إذا هَلَكَ.
وقوله: (لا تَرَى) قرئ: بالتاء النقط من فوقه وتسميةِ الفاعل (٢)، والخطاب للرائي مَن كان، و (مساكنَهم) مفعول به، وقرئ: (لا تُرَى) بالتاء والياء، وترك تسمية الفاعل (٣).
أما تأويل القراءة بالتاء النقط من فوقه: فعلى معاملة الظاهر، لأن المساكن مؤنثة، فأنث الفعل على هذا التأويل.
وأما من قرأ بالياء: فمحمول على المعنى، والمعنى: لا يُرى شيء إلا مساكنهم، فلذلك حذف عَلَمُ التأنيث، كما قالوا: ما قام إلا هند، حيث كان المعنى: ما قام أحد إلا هند، والمعنى: بقيت مساكنهم خالية لا ساكن فيها لهلاك أهلها، فلا يُرى إلا المَسَاكِنُ فحسب، فارتفعت ﴿مَسَاكِنُهُمْ﴾ بإسناد ﴿يُرَى﴾ إليها، ولم يؤنث الفعل لما ذُكِر آنفًا وقُدِّر.
وقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ الكاف في موضع نصب على أنه نعت لمصدر

= وعنه النحاس في الإعراب ٣/ ١٥٧. وابن خالويه / ١٣٩/ في المختصر: (قل بل ما استعجلتم به) لكن جعلها الزمخشري ٣/ ٤٤٨ قراءتين، والله أعلم.
(١) انظر هذه القراءة أيضًا في الكشاف ٣/ ٤٤٨. والقرطبي ١٦/ ٢٠٦. والبحر المحيط ٨/ ٦٤ دون نسبة.
(٢) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٣) قرأ عاصم، وحمزة، ويعقوب، وخلف: (لا يُرى) بالياء مبنيًا للمجهول. انظرها مع القراءة الأولى في السبعة / ٥٩٨/. والحجة ٦/ ١٨٦. والمبسوط / ٤٠٦/. والتذكرة ٢/ ٥٥٥. والنشر ٢/ ٣٧٣. وأما قراءة (لا تُرى) بالتاء مبنيًا للمجهول فهي رواية عن أبي بكر عن عاصم، ويونس عن أبي عمرو، وحماد بن زيد عن ابن كثير، وهي قراءة الحسن، والسلمي، وأبي رجاء، ومالك بن دينار، وآخرين. انظر معاني الفراء ٣/ ٥٥. وجاء البيان ٢٦/ ٢٧. وإعراب النحاس ٣/ ١٥٧. وإعراب القراءات السبع ٢/ ٣٢٠. والمبسوط الموضع السابق. والمحتسب ٢/ ٢٦٥.


الصفحة التالية
Icon