وحَكَى الفراء فيها قراءة أخرى وهي: (وذلك أَفَكُهم) بفتح الهمزة والفاء وضم الكاف، وقال فيه: الإفْكُ والأَفَكُ كالحِذْر والحَذَر (١).
وقوله: ﴿وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ (ما) مصدرية معطوفة على قوله: ﴿إِفْكُهُمْ﴾ إذا كان اسمًا، ومعطوفة على ﴿ذَلِكَ﴾ إذا كان فعلًا، أو على المنوي فيه، وقام الضمير المنصوب مقام التأكيد (٢).
﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٣١) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ﴾ عطف على قوله: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ﴾ أي: واذكر إذ صرفنا إليك نفرًا، أي: أَمَلْناهم إليك وأَقْبَلْنا بهم نحوك. و ﴿مِنَ الْجِنِّ﴾: صفة لنفر، وكذلك ﴿يَسْتَمِعُونَ﴾ نعت لهم، وإن شئت جعلتها حالًا من الذكر الذي في ﴿مِنَ الْجِنِّ﴾ أو من نفر لكونهم قد وصفوا.
وقوله: ﴿فَلَمَّا حَضَرُوهُ﴾ الضمير المنصوب للقرآن، أو لاستماعه، أو للرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وقوله: ﴿قَالُوا﴾ أي: قال بعضهم لبعض. ﴿أَنْصِتُوا﴾، أي: اسكتوا لسماع القرآن.
(٢) انظر هذا الإعراب في مشكل مكي ٢/ ٣٠٤.