وقوله: ﴿مُنْذِرِينَ﴾ حال، أي محذرين لهم مخالفة الرسول -صلى الله عليه وسلم-. وكذا ﴿مُصَدِّقًا﴾ حال أيضًا، إما من ﴿كِتَابًا﴾ لكونه قد وصف، أو من الذكر في ﴿أُنْزِلَ﴾ وهو الجيد.
﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَلَمْ يَعْيَ﴾ عطف على ﴿خَلَقَ﴾، وجاز ذلك لأنه ماض في المعنى، لأجل دخول (لم) عليه. والجمهور على إسكان العين وفتح الياء وهو الوجه، لأن نحو هذا تُعَلُّ لامه دون العين، وقرئ: (ولم يَعِي) بكسر العين هاسكان الياء (١)، على إعلال عين الفعل وتصحيح لامه وهو شاذ، أعني إعلال العين وتصحيح اللام، ولم يأت هذا في الفعل إلا في بيت أنشده الفراء:

٥٦٩ - وَكَأَنَّهَا بَيْنَ النِّسَاءِ سَبِيكَةٌ تمشي بِسُدَّةِ بَيْتِها فَتَعِي (٢)
فأَعَلَّ العينَ وصَحَّحَ اللامَ، ورفع ما لم ترفعْهُ العربُ، وكأن الذي قرأ: (ولم يَعِيْ) شَبَّهَهُ بقوله: (لم يبع)، فحذف العين لسكونها وسكون الياء الثانية، ووزن لم يعي: لم يفل، كما أن وزن لم يبع كذلك، والعين منهما محذوفة لالتقاء الساكنين.
وقوله: ﴿بِقَادِرٍ﴾ في موضع رفع بخبر ﴿أَنَّ﴾، تعضده قراءة من قرأ:
(١) رويت عن الحسن. انظر المحتسب ٢/ ٢٦٩. والمحرر الوجيز ١٥/ ٤٣. والقرطبي ١٦/ ٢١٩.
(٢) انطر هذا الشاهد بدون نسبة في معاني الفراء ١/ ٤١٢. والمحتسب ٢/ ٢٦٩. والقرطبي ١٦/ ٢١٩.


الصفحة التالية
Icon