لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (١٥)}:
قوله عز وجل: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾ لمحيل: صفة الجنة التي وعد المتقون دخولها أن فيها أنهارًا، فحذف (أنَّ)، واختلف في إعرابه:
فقيل: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾ مبتدأ، و (أن فيها) خبره، فلما حذف (أن) قامت الجملة وهي ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ﴾ مقام الخبر.
وقيل: التقدير فيما نَقُصُّ عليكم مَثَلُ الجنة، أي: صفتها، فهو مبتدأ محذوف الخبر.
وقيل: المثل هو المعروف، والتقدير: مثل الجنة التي وعد المتقون جناتٌ فيها أنهار، فحذف جنات، وهذا ليس بالمتين، لأن الموصوف إذا كانت صفته جملة لا يجوز حذفه عند أصحابنا البصريين، و (جناتٌ) موصوف، و ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ﴾ صفته، وهي جملة.
وقيل: ﴿مَثَلُ﴾ صلة، والتقدير: الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار، فـ (الجنةُ) مبتدأ، و ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ﴾ خبره.
وعن الكسائي تقديره: مثل أصحاب الجنة التي وعد المتقون كذلك، فـ ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ﴾ على هذا مبتدأ، و ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ﴾ الخبر، فاعرفه (١).
وقوله: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ﴾ يجوز أن يكون داخلًا في حكم الصلة كالتكرير لها، ألا ترى أنك لو قلت: التي فيها أنهار، لكان أَسَد كلام. وأن يكون خبر مبتدأٍ محذوف، أي: هي فيها أنهار، على تقدير سؤال سائل: وما

(١) انظر هذه الأوجه مع قول الكسائي في إعراب النحاس ٣/ ١٧١ - ١٧٢. ومشكل مكي ٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧.


الصفحة التالية
Icon