وقوله: (والله يعلم أَسرارهم) قرئ: بفتح الهمزة (١)، وهو جَمع سِر، جُمع لاختلاف ضروب السر، أي: والله تعالى يعلم جميع ما يسرون من الأقوال، وقرئ: (إسرارهم) بكسرها (٢)، وهو مصدر أسر الشيء، إذا أخفاه.
وقوله: ﴿فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ﴾ عامل الظرف محذوف تقديره: فكيف يعملون وما حيلتهم في ذلك الوقت؟ وقيل: التقدير: كيف لا يعلم حالهم حينئذٍ وهو يعلم أسرارهم؟ وقيل: كيف يدفعون العذاب عن أنفسهم حينئذٍ؟.
والجمهور على التاء الواقعة بعد الفاء في ﴿تَوَفَّتْهُمُ﴾، وقرئ: (توفاهم) بألف مكان التاء (٣)، وفيه وجهان: أحدهما: ماضٍ، وهو الوجه لتكون جامعًا بين القرائتين. والثاني: مضارع وقد حذفت إحدى تاءيه، كقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ (٤). و ﴿يَضْرِبُونَ﴾ في موضع الحال إما من ﴿الْمَلَائِكَةُ﴾، أو من الضمير المنصوب، وجاز ذلك لعود الضمير إليهم من الجملة.
وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ﴾ مبتدأ وخبر، أي: ذلك الضرب الموصوف، أو ذلك التوفي الموصوف كائن بسبب كيت وكيت.
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (٣٠)﴾:
(٢) هذه قراءة الكوفيين سوى أبي بكر عن عاصم فقد قرأها مثل الباقين. انظر القراءتين في السبعة / ٦٠١/. والحجة ٦/ ١٩٦. والمبسوط / ٤٠٩/. والتذكرة ٢/ ٥٥٨ - ٥٥٩.
(٣) قرأها الأعمش كما في مختصر الشواذ / ١٤١. والمحرر الوجيز ١٥/ ٧٤. والبحر المحيط ٨/ ٨٤.
(٤) سورة النساء، الآية ٩٧.