و (فَسَنُؤتيه) بالنون على الانصراف من لفظ الإفراد إلى لفظ الجمع، وبالياء (١)، لقوله: ﴿عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ﴾، وتعضده قراءة من قرأ: (فسوف يؤتيه الله أجرًا عظيمًا) وهو أُبي بن كعب -رضي الله عنه- (٢) وَوَفَى بالعهد وأَوْفَى به لغتان بمعنىً، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب بأشبع من هذا (٣).
وقوله: ﴿إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا﴾ قرئ: بالضم (٤)، وهو سوء الحال، وبالفتح (٥)، وهو ضد النفع. وقيل: هما لغتان بمعنى، يقال: ضَرَّهُ فلانٌ ضُرًّا وَضَرًّا، كشَرِبَ شُرْبًا وَشَرْبًا (٦).
﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا (١٢) وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا (١٣) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٤)﴾:
قوله عز وجل: ﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لن﴾ (أن) مخففة من الثقيلة، وقد ذكر نظيرها في غير موضع (٧).
وقوله: ﴿وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا﴾ (بورًا) قد جوز أن يكون جمع بائر،

(١) كلاهما من المتواتر، فقد قرأ المدنيان، والابنان، وروح: (فسنؤتيه) بالنون، وقرأ الباقون: (فسيؤتيه) بالياء. انظر السبعة/ ٦٠٣/. والحجة ٦/ ٢٠١. والمبسوط/ ٤١٠/. والتذكرة ٢/ ٥٦٠.
(٢) انظر قراءته في حجة الفارسي الموضع السابق. والمحرر الوجيز ١٥/ ٩٧. وفي مصحف ابن مسعود -رضي الله عنه-: (فسيؤتيه الله).
(٣) انظر إعرابه للآية (٤٠) من البقرة.
(٤) هذه قراءة الكوفيين سوى عاصم كما سوف أخرج.
(٥) قرأها الباقون من العشرة. انظر السبعة/ ٦٠٤/. والحجة ٦/ ٢٠٢. والمبسوط/ ٤١٠/. والتذكرة ٢/ ٥٦٠.
(٦) انظر هذا التخريج في إعراب النحاس ٣/ ١٨٩. وحجة الفارسي الموضع السابق.
(٧) انظر إعرابه للآية (٨٧) من الأنبياء، والآية (٢٩) من محمد -صلى الله عليه وسلم-.


الصفحة التالية
Icon