فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (١٨) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (١٩) وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢٠)}:
قوله عز وجل: ﴿ومَغَانِمَ كَثِيرَةً﴾ عطف على قوله: ﴿وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ أي: وأثابهم الله مغانم كثيرة، أو: وأثابكم، على قراءة من قرأ: (تأخذونها) بالتاء النقط من فوقه وهو يعقوب (١). والإثابة: المجازاة.
وقوله: ﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً﴾ أي: أَخْذَ مغانم، أو حيازة مغانم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، وهو ما يفيء على المؤمنين مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبعده إلى يوم القيامة على ما فسر (٢).
وقوله: ﴿وَلِتَكُونَ آيَةً﴾ إما عطف على محذوف، أي: فجعل لكم هذه الغنيمة، وكف بأس الأعداء لتنتفعوا بها، أو لينفعكم بها، ولتكون تلك الغنيمة أو تلك الكفة آيةً للمؤمنين، أي: علامةً لهم دالةً على صدقك. وإما من صلة محذوف، أي: ولتكون تلك آيةً لهم فَعَلَ ذلك.
﴿وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا (٢١) وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٢٢) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٢٣)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَأُخْرَى﴾ يجوز أن تكون في موضع نصب، أي: ووعدكم الله مغانم أخرى، أو فتوحًا أخرى، دل عليهما ما قبله، أو: وقُرىً
(٢) انظر جامع البيان ٢٦/ ٨٩.