مازه وفرَّقه، يقال: زِل ضأنَكَ من مِعْزاك (١).
وقيل: هو تَفَيْعَلُوا من زال يزول. أبو علي: هذا التقدير: وإن كان في اللفظ غير ممتنع، فليس المعنى عليه، لأنه لا يراد: لو زالوا من موضعهم، من الزوال الذي هو خلاف الثبات، وإنما المراد: لو تميز المؤمنون من الكافرين لعذبنا الذين كفروا من أهل مكة بالسيف، فتزيلوا تَفَعَّلُوا من زِلْت، ويدل على صحة ذلك قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: لو تفرق بعضهم من بعض، انتهى كلامه (٢).
وقرئ: (لو تزايلوا) بألف بعد الزاي، وتخفيف الياء (٣). والمزايلة: المفارقة، يقال: زايله مزايلة وزيالًا، إذا فارقه، والتزايل: التباين.
واختلف في الضمير في ﴿مِنْهُمْ﴾، فقيل: للفريقين و (من) للتبعيض. وقيل: للصادّين وهم الكافرون، و (من) للتجريد كقولك: رأيته فرأيت منه الأسد، أي: رأيته أسدًا.
و﴿عَذَابًا﴾ منصوب على المصدر، وهو اسم واقع موقع المصدر وهو التعذيب، و (أليم) فعيل بمعنى مُفعِل، وقد ذكر فيما سلف من الكتاب (٤).
﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٢٦)﴾:
قوله عز وجل: ﴿إِذْ جَعَلَ﴾ (إذ) يجوز أن تكون ظرفًا لقوله: ﴿لَعَذَّبْنَا﴾، أي: لعذبناهم في ذلك الوقت. وأن تكون مفعولًا به بفعل
(٢) انظر قول ابن عباس -رضي الله عنهما- في زاد المسير ٧/ ٤٤٠.
(٣) قرأها أبو حيوة، وقتادة، وابن أبي عبلة، وابن مقسم. انظر المحرر الوجيز ١٥/ ١١٥. والقرطبي ١٦/ ٢٨٨. والبحر ٨/ ٩٩.
(٤) انظر إعرابه للآية (١٠) من البقرة.