والثاني: فاعل ومعناه ساواه، وفاعل الفعل الشطءُ، أي: أزر الشطءُ الزرعَ، أي: ساواه وصار في طوله.
وقرئ: (فأزره) بالقصر بوزن فَعَل (١)، وهو بمعنى آزر بالمد، لغتان بمعنىً، وقراءة القصر تعضد قول من قال: إنَّ وزن آزَرَ أَفْعَلَ، لأن فَعَلَ وأَفْعَلَ كثيرًا ما يتعاقبان على الكلمة، نحو: أَلَتَهُ وآلَتَهُ، إذا نقصه، كذا أخبرني شيخنا أبو اليمن الكندي رحمه الله تعالى بقراءة غيري عليه وأنا أسمع بالإسناد عن أبي علي فيما حكاه التَّوزِيّ (٢) أن القوم قالوا: أَلَتَهُ وآلَتَهُ بمعنى (٣).
وقوله: ﴿فَاسْتَغْلَظَ﴾ في في فاعل الفعل وجهان، أحدهما: الزرع، أي: فغلظ ذلك الزرع ﴿فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾، أي فقام على قصبه وأصوله، والسُّوْقُ: جمع ساق، وهو أصله الذي يقوم عليه. والثاني: الشطءُ، أي: فغلظ الشطء وتناهى فصار هو الأصل.
و﴿عَلَى سُوقِهِ﴾ يجوز أن يكون من صلة ﴿فَاسْتَوَى﴾، وأن يكون في موضع الحال من المنوي في قوله: ﴿فَاسْتَوَى﴾، أي: فاستوى قائمًا على سوقه.
وقوله: ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾ يجوز أن يكون مستأنفًا، وأن يكون حالًا، أي: يعجب هذا الزرعُ زُرَّاعه، أي: يسرهم بقوته، والتفافه، وطول نباته.

(١) قراءة صحيحة لابن عامر وحده. انظر السبعة/ ٦٠٥/. والحجة ٦/ ٢٠٤. والمبسوط / ٤١١/. والتذكرة ٢/ ٥٦٠. وهي أيضًا من طريق ابن ذكوان فقط كما في التذكرة، والنشر ٢/ ٣٧٥.
(٢) في (أ) و (ب) و (ط): الثوري. وهو تصحيف، لأن أبا علي متأخر عن الثوري كثيرًا فكيف يروي عنه؟ ! والتَّوَّزِيّ هو: عبد الله بن محمد، لغوي من علماء البصرة المعدودين. قرأ على أبي عمرو الجرمي كتاب سيبويه، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
(٣) انظر رواية أبي علي عن التوزي في الحجة ٦/ ٢٠٥. وانظر الكشف ٢/ ٢٨٤.


الصفحة التالية
Icon