ذلك كانت واو القسم. ومحله إما الرفع على إضمار مبتدأ، أو النصب على إضمار فعل، أو الجر على قول من جعله قسمًا.
والجمهور على إسكان الفاء وهو الوجه، وقد ذُكر سبب ذلك فيما سلف من الكتاب (١)، وقرئ: (قافَ) بفتح الفاء، و (قافِ) بكسرها (٢)، وكلاهما لالتقاء الساكنين، فالفتح إتباع لصوت الألف لأنه منها، والكسر على الأصل، ولك أن تجعل المفتوح منصوبًا بإضمار فعل. ولم تُصْرَفْ لاجتماع التعريف والتأنيث على قول من جعله اسمًا للسورة، كأنه قيل: اقرأ أو الزم قاف.
واختلف في جواب القسم، فقيل: محذوف يدل عليه (إذا متنا)، والتقدير: لنبعثن، لأنهم أنكروا البعث. وقيل: التقدير: إنّ محمدًا رسول الله، دل عليه ﴿بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ﴾. وقيل: التقدير: ما آمنوا بل عجبوا، دل عليه معنى قوله: ﴿بَلْ عَجِبُوا﴾. وقيل: هو قوله: ﴿قَدْ عَلِمْنَا﴾ على إرادة اللام، أي: لقد علمنا، لأن الماضي يفتقر إلى التوكيد كما يفتقر إليه المستقبل، واستعمال قد غالب عليه، نحو: والله لقد خرج، وتَرْكُهُ جائز حسن، ومنه قوله تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ (٣) أي: لقد أفلح. وقيل: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى﴾ (٤) وفيه بعدٌ للبعدِ. وقيل: ما قبل القسم يقوم مقامه، والتقدير: والقرآن المجيد لقد قضي الأمر (٥).
(٢) كما قرئ بضمها. فقد قرأ عيسى الثقفي، والسلمي، وغيرهما: (قافَ) بالفتح. وقرأ الحسن، وابن أبي إسحاق، وأبو السمال، ونصر بن عاصم: (قافِ) بالكسر. وأما الضم فنسب إلى الحسن أيضًا، وهارون، وابن السميفع، وقتادة. انظر مختصر الشواذ / ١٤٤/. والمحتسب ٢/ ٢٨١. والمحرر الوجيز ١٥/ ١٦١. وزاد المسير ٨/ ٣ - ٤. والقرطبي ١٧/ ١ - ٢. والبحر ٨/ ١٢٠.
(٣) سورة الشمس الآية: ٩.
(٤) الآية (٣٧) من هذه السورة.
(٥) انظر أوجه الجواب هذه في إعراب النحاس ٣/ ٢١١ - ٢١٢. ومشكل مكي ٢/ ٣١٨. والمحرر الوجيز ١٥/ ١٥٩ - ١٦٠.