قوله عز وجل: ﴿وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ﴾ أي: ونحن نعلم. ومحل الجملة النصب على الحال. و ﴿مَا﴾: يجوز أن تكون موصولة، والضمير في ﴿بِهِ﴾ يعود إليها، وأن تكون مصدرية، والضمير في ﴿بِهِ﴾ يعود إلى الإنسان، والباء على هذا في ﴿بِهِ﴾ للتعدية، أي ما تجعله موسوسًا، لأنهم يقولون: حَدَّثَ نفسَه بكذا، كما يقولون: حدثته به نفسُه، قاله الزمخشري (١).
وقوله: ﴿مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ﴾ أي: من حبل العرق الوريد، والوريد عرق في باطن العنق، [ويسمى أيضًا حبل العاتق] (٢)، وسمي وريدًا، لأنه العرق الذي ينصبّ إليه ما يرد من الرأس، وهما وريدان عن يمين وشمال، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- (٣)، وهو المعروف في اللغة. وقيل فيه غير هذا، ولا يليق ذكره في هذا الكتاب، وهو فعيل بمعنى مفعول، أي: مورود.
وقوله: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى﴾ (إذ) ظرف لقوله: ﴿أَقْرَبُ﴾، قيل: وساغ ذلك، لأن المعاني تعمل في الظروف متقدمة ومتأخرة (٤).
وقوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ ﴿قَعِيدٌ﴾ مبتدأ و ﴿وَعَنِ الشِّمَالِ﴾ خبره، والتقدير: عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد، ثم حذف الأول لدلالة الثاني عليه، هذا مذهب صاحب الكتاب رحمه الله، وأنشد:
٥٧٩ - نَحْنُ بما عندنا وأنتَ بما | عندكَ راضٍ والرأْيُ مُخْتَلِفُ (٥) |
٥٨٠ -.... كنت منه ووالدي... بريًّا............................. (٦)
(٢) من (أ) فقط. والمعنى صحيح وارد في التفسير.
(٣) انظر جامع البيان ٢٦/ ١٥٧. والنكت والعيون ٥/ ٣٤٦ واللفظ منه.
(٤) قاله الزمخشري ٤/ ٢١.
(٥) تقدم برقم (٢٦٦) وخرجته هناك.
(٦) تقدم أيضًا برقم (٣٩٤) وخرجته هناك.