أي: كنت منه بريئًا. وكان والدي منه بريئًا.
وعن المبرد: ﴿قَعِيدٌ﴾ المذكور لليمين، وللشمال محذوف حذف لدلالة الأول عليه (١).
وقال غيرهما: لا حذف في الكلام، لأن فعيلًا يصلح للواحد وللاثنين وللجماعة، كقوله: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ (٢).
واختلف في معنى ﴿قَعِيدٌ﴾، فقيل: بمعنى مُقاعد، كجليس بمعنى مجالس. وقيل: بمعنى قاعد. وقيل: بمعنى ملازم. وقيل: بمعنى راصد (٣).
وقوله: ﴿لَدَيْهِ﴾ الضمير للإنسان، لأنه الافظ. وقيل: للقول.
﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢)﴾:
قوله عز وجل: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ يجوز أن تكون الباء من صلة (جاءت)، كما تقول: جئت بفلان، أي: أحضرته، فهي للتعدية، وأن تكون من صلة محذوف على أنها باء الحال، أي: جاءت سكرة الموت ومعها الحق، كقولك: خرج بسلاحه، أي: وسلاحه عليه.
وقرئ: (وجاءتْ سكرةُ الحقِّ بالموتِ) (٤) على إضافة السكرة إلى الحق، أي: سكرة ما يراه عند المعاينة من ظهور الحق فيما كان الله تعالى قد
(٢) سورة التحريم، الآية: ٤. وهذا القول للفراء، والأخفش. انظر معاني الفراء ٣/ ٧٧. وإعراب النحاس، ومشكل مكي الموضعين السابقين.
(٣) انظر النكت والعيون ٥/ ٣٤٧. ومعالم التنزيل ٤/ ٢٢٢. والكشاف ٤/ ٢١.
(٤) قرأها أبو بكر الصديق، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، وطلحة -رضي الله عنهم-. انظر معاني الفراء ٣/ ٧٨. وجامع البيان ٢٦/ ١٦٠. وإعراب النحاس ٣/ ٢١٧. ومختصر الشواذ / ١٤٤/. والمحتسب ٢/ ٢٨٣. والكشاف ٤/ ٢١. والمحرر الوجيز ١٥/ ١٧٣.